الحقيقة هو الاعطاء ومن أبرأ انسانا من مال عليه لا يقال إنه أعطاه شيئا وأيضا فإنه تعالى أمرنا ان نؤتيهم مما آتانا الله وما في ذمة المكاتب من مال الكتابة لهم لم يؤت بعد لان الايتاء هو الاعطاء وانه يقتضى القبض وذلك غير مقبوض فلا يقع عليه الاسم انتهى كلامه - ولو سلمنا ان المراد بذلك الموالي فالامر محمول على الندب كما فعل الشافعي في قوله تعالى فكاتبوهم وكما فعل هو وغيره في الامر بالاشهاد على البيع والكتابة وقد قالت بريرة كاتبت أهلي على تسع أواقي وقالت عائشة ان أحب أهلك ان أعدها لهم فلو كان الحط واجبا لقال عليه السلام عليها أقل من ذلك لان عليهم ان يحطوا عنها ولا خبر عائشة بسقوط البعض عنها وفى الصحيح ان جويرية جاءت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها فقال عليه السلام أقضى عنك كتابتك فدل على وجوب الجميع عليها دون حطيطة لها منه وأعان عليه السلام سلمان على كتابته ولم يأخذ مولاه بحط شئ منها وقد تقدم في باب الكتابة على نجمين (ان عثمان كاتب مملوكا له على مائة الف وقال والله لا اغضك منها درهما) وما ذكره البيهقي في هذا الباب (عن جماعة من الصحابة وغيرهم انهم وضعوا شيئا من الكتابة) فليس في شئ منه انهم كانوا يرون ذلك واجبا عليهم فيحمل على أنهم فعلوا ذلك على سبيل الندب والفضل ويدل على ذلك ما ذكره البيهقي في آخر الباب (عن ابن سيرين قال كان يعجبهم ان يدع الرجل لمكاتبه طائفة من مكاتبته)
(٣٣٠)