قلت - العجب من الشافعي كيف حمل الامر في قوله تعالى (فكاتبوهم -) على الندب وفى قوله تعالى (وآتوهم) على الوجوب ثم إنه جعل المخاطبين بذلك موالي المكاتبين وليس الامر كذلك قال ابن جرير الطبري في التهذيب وفى حديث بريرة أيضا الدلالة على صحة قولنا في تأويل قوله تعالى (وآتوهم من مال الله) انه يعنى به أهل الأموال الذين وجبت في أموالهم الصدقات فأمرهم الله تعالى باعطاء المكاتبين منها ما فرض فيها بقوله تعالى (وفى الرقاب) ولولا ذلك لم تكن بريرة تسأل عائشة ولا ضرورة لها من امكان عجزها عن الكتابة إذا لم تجد سبيلا إلى الأداء والرجوع إلى ما كانت عليه من وجوب نفقتها على مواليها ولكنها لما علمت أن الله فرض في أموال أهل الأموال لمن كان بمثل حالها حقا بقوله تعالى (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) وبقوله (وفى الرقاب) تعرضت لطلب ذلك وفى ذلك دلالة بينة على أن المراد بقوله تعالى (وآتوهم) أهل الأموال والدلالة على خطأ من زعم أن قوله تعالى (وآتوهم) يعنى به موالي المكاتبين خاصة دون سائر الناس غيرهم وانهم أمروا ان يضعوا عنهم من كتابتهم ولو كان كما قالوا لقال ضعوا عنهم من كتابتهم ولو كان امرا باعطائهم من مال كتابتهم لقال من مال الله الذي آتاكم منهم فإذ لم يكن ذلك محصورا على مواليهم كان معلوما انه خطاب لذوي الأموال بايتائهم ما فرض الله لهم في أموالهم - وقال أبو بكر الرازي الحط من بدل الكتابة لا يسمى إيتاء لان الايتاء في
(٣٢٩)