بعد الاستثناء وعلى قول الشافعي رحمه الله هذا الاستثناء صحيح بناء على أصله في أن عمل الاستثناء في منع ثبوت الحكم في المستثنى فدليل المعارضة بمنزلة التخصيص في العموم وهذا يتحقق فيما يدخل في الحكم تبعا كما يتحقق فيما يتناوله اللفظ قصدا وبيانه يأتي في باب الاستثناء إن شاء الله تعالى. وعلى هذا لو قال هذا البستان لفلان الا نخلة بغير أصلها فإنها لي أو قال هذه الحلية لفلان الا بطانتها فإنها لي أو قال هذا السيف لفلان الا حليته فإنها لي أو هذا الخاتم لفلان الا فصه فإنه لي أو هذه الحلقة لفلان الا فصها فإنه لي ففي هذا كله ما جعله مستثنى لم يتناوله الكلام نصا وإنما كان دخوله تبعا فلا يعمل استثناؤه وإن كان موصولا بل هو والدعوى المبتدأة سواء فلا يستحقه الا بحجة. ولو قال هذه الدار لفلان ثم قال بعد ذلك لا بل لفلان فهي للأول وليس للاخر شئ لأنه رجع عن الاقرار به للأول وأقام الثاني مقامه في الاقرار ورجوعه عن الاقرار باطل. وكذلك لو قال الدار لفلان ثم قال بعد ذلك له ولفلان أولى ولفلان فالدار كلها للأول ورجوعه عن بعض ما أقر به للأول باطل كما في جميعه وان قال ابتداء انها لفلان ولفلان فوصل المنطق فهو بينهما نصفين لأنه عطف الثاني على الأول والعطف للاشتراك بين المعطوف والمعطوف عليه في الخبر وفى آخر كلامه ما يغاير موجب أوله فيتوقف أوله علي آخره وصار كقوله هي لهما فان وصل ذلك فقال لفلان الثلثان ولفلان الثلث فهو كما قال لان مقتضى أول كلامه المناصفة بينهما علي احتمال التفاوت فكان آخر كلامه بيانا مغايرا وذلك صحيح منه موصولا وإذا ولدت الجارية في يد رجل ثم قال الجارية لفلان والولد لي فهو كما قال لأنه لو سكت على ذكر الولد لم يستحقه المقر له فكذلك إذا نص المقر على أن الولد له بخلاف ما سبق من البناء وهذا لان الولد بعد الانفصال ليس تبعا للأم بخلاف النخل والبناء فإنه تبع للأرض ثم فرق بين الاقرار والبينة بأنه لو أقام رجل البينة أن الجارية له به استحق ولدها معها والفرق ان الاستحقاق بالبينة يوجب الملك للمستحق من الأصل (ألا ترى) أن الباعة يرجع بعضهم على البعض باليمين فيتبين ان الولد انفصل من ملكه فكان مملوكا له فأما الاستحقاق بالاقرار فلا يوجب الملك للمقر له من الأصل حتى لا يرجع الباعة بعضهم على بعض باليمين ولكن استحقاق الملك له مقصور على الحال ولهذا جعل الاقرار كالايجاب في بعض الأحكام فلا يتبين به انفصال الولد من ملكه فلهذا لا يستحقه وللشافعي رحمه الله في الفصلين قولان في قول يستحق الولد فيهما وفي قول لا يستحق الولد فيهما وعلى القولين لا يفصل
(٧٥)