ومحمد رحمهما الله يقولان في الحصن والروازن كذلك فأما إذا كان الحائط مبنيا بطاقات فالحائط للذي إليه الطاقات عندهما لان الطاقات بمنزلة وجه البناء والظاهر أن الذي يبنى الحائط يجعل الطاقات إلى جانب نفسه لان الجانب الذي يكون فيه الطاقات يبني مستويا وإنما يعتبر الحائط من جانب نفسه لا من جانب جاره ولهذا جعل وجه البناء حكما فكذلك الطاقات وقال وان كانت الروازن في البناء من الآجر فهي مثل الطاقات فهذا اللفظ دليل علي انهما إنما لم يعتبرا الروازن الموجودة في الحائط فقد يحفر ذلك صاحب الحائط وقد يحفر جاره ليدخل فيه الضوء فاما ما كان يعلم أنه مبنى مع الحائط من الروازن فإنه يجعل حكما عندهما بمنزلة الطاقات ويقضي بالحائط لمن إليه استواء تلك الروازن لان الباني للحائط يراعى الاستواء من جانب نفسه لا من جانب جاره وإن كان الباب في حائط فادعاه كل واحد منهما وغلق الباب إلى أحدهما فالباب والحائط بينهما نصفين في قول أبي حنيفة رحمه الله وفي قولهما الحائط بينهما نصفين والباب الذي إليه الغلق اعتبرا فيه العادة فان الذي يركب الباب على الحائط يجعل الغلق في جانبه وأبو حنيفة اعتبر القياس أن الغلق متنازع فيه كالباب والعادة مشتركة قد يجعل الغلق إلى جانبه وقد يجعل إلى جانب جاره فكان بينهما نصفين فإن كان له غلقان من كل جانب واحد فهو بينهما نصفين عندهم جميعا لاستوائهما في الدعوى والشاهد بالعلامة ولما تعارض الغلقان جعل كأنه لا غلق على الباب فيقضي به بينهما نصفين كالحائط والله أعلم بالصواب * (باب الاقرار بشئ بغير عينه) * (قال رحمه الله) وإذا أقر الرجل لرجل بشاة من غنمه صح اقراره لان المقر له معلوم ولا تأثير لجهالة المقر به بالمنع من صحة الاقرار لأنها جهالة مستدركة باجبار المقر على البيان فإذا ادعى المقر له شاة بعينها فان ساعده المقر على ذلك أخذها وان أبى ذلك لم يأخذها الا بإقامة البينة لان المقر بها منكر والمدعى معين والمنكر غير المعين فلا يأخذها الا بإقامة البينة عليه أو سكوت المدعى عليه بعد استحلافه ولكنه بدعوى هذه الشاة صار كالراد لإقراره فيما سواه فإذا حلف المدعى عليه في هذه الشاة لم يبق للمدعى خصومة بسبب ذلك الاقرار فان ادعى المقر له شاة بغير عينها أعطاه المقر أي شاة شاء من غنمه بذلك لأنه أبهم الاقرار فكان
(٥٩)