لنفسه يدا في أرضه ولم يعرف سبب ذلك فلا يثبت بمجرد دعواه وإذا لم يثبت ما ادعى بقي اقراره بالقبض من يده فعليه رده وعلى هذا لو قال أخذت من دار فلا مائة درهم ثم قال كنت فيها ساكنا أو كانت معي بإجارة لم يصدق لأنه مدع فيما ذكره من سبب ثبوت يده في الدار فلا يصدق في ذلك الا بحجة فان جاء بالبينة أنها كانت في يده بإجارة وانه نزل أرض فلان أبرأته من ذلك لأنه أثبت سبب ثبوت يده في المكان بالحجة ولان الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة فلو علم كون الدار في يده بإجارة أو كونه نازلا في أرض وعايناه انه أخلاها متاعا كان ذلك القول قوله في أن هذا ملكه فكذلك إذا أثبت بالبينة دارا في يد رجل فأقر انها لفلان الا بيتا معلوما فإنه لي فهو علي ما قال لان الكلام إذا قرن به الاستثناء يصير عبارة عما وراء المستثنى فكأنه قال هذه الدار ما سوى هذا البيت من الدار لفلان وهذا لان اسم الدار يتناول ما فيها من البيوت والمستثنى إذا كان مما يتناوله لفظه كان استثناؤه صحيحا لان عمل الاستثناء في اخراج ما يتناوله لولاه لكان الكلام متناولا له وكذلك لو قال الا ثلثها لي أو قال الا تسعة أعشارها لما بينا أن الاستثناء صحيح إذا كان يبقى بعد المستثنى شئ قل ذلك أو كثر. ولو قال الدار لفلان وهذا البيت لي كانت كلها لفلان لان قوله وهذا البيت لي دعوى وليس باستثناء فان الواو للعطف ولا يعطف المستثنى علي المستثنى منه فصار جميع الدار مستحقا للمقر له باقراره وكان المقر مدعيا بيتا في دار غيره فلا يصدق الا بحجة وكذلك لو قال الدار لفلان ولكن هذا البيت لي أو قال الدار لفلان وبناؤها لي أو الأرض لفلان ونخلها لي أو النخل بأصولها لفلان لي لا يصدق في شئ من ذلك الا بحجة لان البناء تبع للأصل والنخل تبع للأرض والثمر يملك بملك الأصل فكان هو في آخر كلامه مدعيا لنفسه شيأ من ملك الغير فلا يستحقه الا بحجة. ولو قال هذه الدار لفلان الا بناؤها فإنه لي لم يصدق أيضا على البناء والبناء تابع وليس هذا باستثناء ومعنى هذا الكلام أن اسم الدار لا يتناول البناء مفصولا فان اسم الدار لما أدير عليه الحائط من البقعة والبناء يدخل فيه تبعا والاستثناء إنما يكون مما تناوله الكلام نصا لأنه اخراج ما لولاه لكان الكلام متناولا له فان الاستثناء يصرف في جميع الكلام يجعله عبارة عما وراء المستثنى فما لم يتناوله الكلام نصا لا يتحقق فيه عمل الاستثناء فهذا معنى قوله وليس هذا باستثناء وهذا لان المعنى الذي لأجله كان يدخل البناء لولا هذا الاستثناء لا ينعدم بهذا الاستثناء فان معنى كونه تبعا للأصل أن هذه التبعة قائمة
(٧٤)