بسم الله الرحمن الرحيم (باب الاقرار بالعارية) (قال رحمه الله وإذا أقر الرجل ان هذا الثوب أو هذه الدار عنده عارية بملك فلان أو بميراثه أو بحق فلان هذا كله اقرار) لان الباء في الأصل للالصاق فقد جعل المقر به ملصقا بملك فلان وميراثه وحقه ولم يتحقق هذا الالصاق الا بعد أن يكون مما له وكالة وقد تكون الباء صلة كما في قوله تعالى ينبت بالدهن وان حملناه علي معنى الصلة هنا كان اقرارا أيضا لأنه يصير تقدير كلامه انه ملك فلان أو ميراث فلان أو حق فلان وقد تكون الباء للتبعيض أيضا عند بعضهم كما في قوله تعالى وامسحوا برؤوسكم اقتضى المسح ببعض الرأس وإذا حمل على هذا كان اقرارا أيضا لأنه جعل المقر به بعض ملكه وميراثه وحقه وكذلك لو قال عارية عندي من ملك فلان أو من ميراثه أو من حقه لان من في الأصل للتبعيض فذلك اقرار يكون المقر به بعض ملكه وقد تكون من صلة كما في قوله تعالى يغفر لكم من ذنوبكم وقوله تعالى فاجتنبوا الرجس من الأوثان وإذا كانت بمعنى الصلة فهو اقرارا أيضا وقد تكون بمعنى الباء قال الله تعالى يحفظونه من أمر الله يعنى بأمر الله فعلي هذا المعنى هذا والأول سواء وقد تكون من للتمييز كما يقال سيف من حديد وخاتم من فضة وعلي هذا يكون اقرارا أيضا لأنه ميز المقر به عن سائر ما في يده باقراره ان للمقر ولو قال عارية عندي لملك فلان أو لميراثه كان اقرارا أيضا ولو قال والثوب والدابة عارية عندي لحق فلأن لا يكون اقرار لان اللام قد تكون للتأكيد وقد تكون للوقت كما في قوله تعالى لدلوك الشمس وقوله تعالى فطلقوهن لعلتهن وقد تكون للتمليك وقد تكون للتعليل فعلى هذه الوجوه حمل قوله لملك فلان أو لميراث فلان اقرارا مؤكدا وأما إذا قال لحق فلان فنقول الكلام قد تكون بمعنى المجازاة كقول الرجل لغيره أكرمتك لتكرمني وزرتك لتزورني وقد تكون لبيان الحرمة كالرجل يريد أن يضرب عبده فنهاه الغير فيقول تركته لك أي لحرمتك وشفاعتك فهنا قوله لحق
(٢)