القصاص اسم خاص لعقوبة هي عوض حق العباد واجب بطريق المماثلة فلا يدخل فيه الخطأ والحد لان موجب الخطأ والحد مال ومعظم الحق في الحد لله تعالى وإذا أقر انه لا جراحة له خطأ قبل فلان فله أن يدعى العمد إن كان فيه قصاص أو لم يكن لان الخطأ صفة للفعل لا لموجبه والعمد ضده فلا يكون نفيه بصفة نفيا منه فعلا بضد تلك الصفة فان ما ليس يمين يختلف باختلاف وصفه ولو أقر انه لا جراحة له قبل فلان فليس له أن يدعي جراحة عمدا ولا خطأ لأنه نفى الفعل مطلقا فلا يتقيد بأحد الوصفين إذا المقيد غير المطلق ونفي الفعل نفى لموجبه ضرورة وله أن يدعى الدم لان الجرح اسم خاص لما دون النفس فلا يتناول النفس لان الفعل في النفس ازهاق الحياة وفيما دونها إماتة لجزء ما هو دونها في الجرح ولا مغايرة أبين من مغايرة محل الفعل وان أقر أنه لاحد له قبل فلان فادعى سرقة يجب فيها القطع فهو على دعواه لأنه إنما نفى حدا هو حقه وحد السرقة خالص حق الله تعالى حتى لا يعمل فيه الرجوع عن الاقرار ولا يعتبر خصومة المسروق منه في القطع وإنما حقه في دعوى المال وهو ما نفى ذلك باقراره وان أقر أنه لا دم له قبل فلان فليس له أن يدعى دما خطأ ولا عمدا لأنه نفى باقراره الدم مطلقا وقد بينا أن نفى السبب نفى لموجبه والدية في الخطأ موجب الدم كالقصاص في العمد وله أن يدعى ما دون الدم والدم في عرف اللسان عبارة عن النفس خاصة وليس من ضرورة نفى النفس نفى ما دونها ولو أقر أنه لا أرش له قبل فلان لم يكن له أن يدعى دية خطأ ولا صلحا عن دم عمد ولا عن كفالة بدية نفس ولا عن قبل شئ من الجراحة لان اسم الأرش يعم ذلك كله سواء كان ذلك واجبا بنفس الفعل أو بالصلح على الأصل أو على الكفيل بكفالته به فاقراره بنفي الأرش يتناول ذلك كله والله أعلم * (باب الاقرار بالعتق والكتابة) * (قال رحمه الله) وإذا أقر الرجل أنه أعتق عبده هذا أمس وهو كاذب عتق في القضاء ولم يعتق فيما بينه وبين الله تعالى لان الاقرار خبر محتمل للصدق والكذب لكن دين المقر وعقله يدعو انه إلى الصدق والقاضي مأمور باتباع الظاهر فإذا ترجح جانب الصدق باعتبار الظاهر قضي القاضي بعتقه ولكن الله تعالى عالم بحقائق الأشياء فإذا لم يسبق من المقر فيه عتق كان خبره في الحقيقة كذبا والكذب بالاخبار عنه لا يصيره حقا كاقرار المقرين
(١٦٧)