وكان عليه مائة مثقال عن الدراهم لأنه نص علي وزن هو أكثر مما اقتضاه مطلق كلامه ولو نص على وزن هو دونه قبل منه إذا كان موصولا فكذلك إذا نص على وزن هو أكثر إلا أن في هذا لا يلحقه التهمة فيصح سواء ذكره موصولا أو مفصولا ولو قال له على ربع حنطة فعليه ربع حنطة بربع البلد الأكبر وان قال عنيت الربع الصغير لم يصدق والربع اسم لمكيال كالقفيز والصاع والمتعارف في المعاملات به الأكبر فينصرف مطلق الاقرار إليه على قياس ما بينا في الوزن. ثوب في يدي رجل فقال وهبه لي فلان فقال نعم أو أجل أو بلى أو صدقت أو قال ذلك بالفارسية فهو اقرار لان ما ذكره في موضع الجواب غير مستقل بنفسه فإنه ليس بمفهوم المعنى وهو مما يصلح أن يكون جوابا وما تقدم من الخطاب يصير كالمعاد للجواب قال الله تعالى فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم أي نعم قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا وقال الله تعالى ألست بربكم قالوا بلى أي بلى أنت ربنا فهنا أيضا يصير ما قدم من عقد الهبة معادا في الجواب فيثبت العقد باقراره والقبض موجود فيجعل صادرا عن ذلك العقد وإن لم يكن الثوب في يد الموهوب له ولكنه في يد الواهب فادعي الموهوب له الهبة والتسليم وجحد ذلك الواهب فان شهد الشهود بمعاينة القبض قبل بالاتفاق وكان الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة وان شهدوا على اقرار الواهب بالتسليم كان أبو حنيفة رحمه الله يقول أولا لا يقبل لان تمام الهبة يقبض بحكم والقبض فعل لا يصير موجودا بالاقرار به كاذبا فان المخبر عنه إذا كان باطلا فبالاخبار عنه لا يصير حقا كقرية المقرين وجحود المبطلين فإذا لم يشهدوا بهبة تامة لا تقبل الشهادة ثم رجع وقال الشهادة مقبولة وهو قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله لان ثبوت اقراره بالبينة كثبوته بالمعاينة والقبض وإن كان فعلا هو يثبت في حق المقر باقراره كالقتل والغصب في حق المقر باقراره فهذا مثله فان أقر الواهب بالهبة والقبض ثم أنكر التسليم بعد ذلك وأراد استحلاف الموهوب له لم يحلفه القاضي في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ويحلفه في قول أبى يوسف رحمه الله استحسانا وأصل المسألة البائع إذا أقر بقبض الثمن ثم جحدوا أراد استحلاف المشترى لم يكن له ذلك عندهما وهو لأنه مناقض في كلامه راجع عما أقر به من القبض والمناقض لا قول له والاستحلاف ينبنى على دعوى صحيحة واستحسن أبو يوسف رحمه الله بما عرف من العادة الظاهرة ان البائع يقر بالثمن للاشهاد وإن لم يكن قبضه حقيقة فالاحتياط لحقه يستحلف الخصم إذا طلب هو ذلك والله أعلم بالصواب
(٦)