إلى منزل العالم عند الحاجة إلى علمه من تعظيم الدين ولما استعظم ذلك زيد رضي الله عنه قال هلا أرسلت إلى يا أمير المؤمنين قال في بيته يؤتى الحكم وتأويل استعظام زيد رضي الله عنه أنه خاف فتنة على نفسه بسبب الوجاهة حين أتاه عمر رضي الله عنه في منزله وظن أنه أتاه زائرا وما أتاه محكما له راغبا في علمه فلهذا استعظم ذلك (ألا ترى) ان عمر رضي الله عنه بين له انه أتاه للتحكيم فقال في بيته يؤتى الحكم فأتى زيد لعمر رضي الله عنهما بوسادة وكان هذا منه امتثالا لما ندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وقد بسط رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدى بن حاتم رداءه حتى أتاه ولكن عمر رضي الله عنه لم يستحسن ذلك منه في هذا الوقت فقال هذا أول جورك وفيه دليل وجوب التسوية بين الخصمين في كل ما يتمكن القاضي منه وما كان ذلك يخفى على زيد رضي الله عنه ولكن وقع عنده ان الحكم في هذا ليس كالقاضي وان الخليفة في هذا ليس كغيره فبين له عمر رضي الله عنه ان الحكم في حق الخصمين كالقاضي (قال) وكانت اليمين على عمر رضي الله عنه فقال لأبي ابن كعبر رضي الله عنه لو أعفيت أمير المؤمنين من اليمين فقال عمر رضي الله عنه لا ولكن احلف فترك له أبى رضي الله عنه ذلك وأهل الحديث يروون ان عمر رضي الله عنه قال لزيد رضي الله عنه وهذا أيضا يبين ان على الحكم أن يتحرز عن الميل إلى أحد الخصمين صريحا ودلالة وان مجلس الشفاعة غير مجلس الحكومة ثم فيه دليل على أنه لا بأس للمرء ان يحلف إذا كان صادقا فقد رغب عمر رضي الله عنه في ذلك مع صلابته في الدين وان تحرز عن ذلك فهو واسع له أيضا كما روى أن عثمان رضي الله عنه امتنع عن ذلك وقال أخشى أن يوافق قدر يميني فيقال أصبت بذلك ففيه دليل ان اليمين حق المدعي قبل المدعى عليه يستوفى بطلبه ويترك إذا ترك (ألا ترى) أن أبيا رضي الله عنه ترك له ذلك وبيان هذا فيما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدعى ألك بينة فقال لا فقال صلى الله عليه وسلم ألك يمين وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال لا أحد الا في اثنين رجل اتاه الله مالا فهو ينفقه في طاعة الله ورجل أتاه علما فهو يعلمه ويقضى به ومعناه الحسد يضر الا في الاثنين فيكون في ذلك بيان ان الحسد مذموم يضر الحاسد الا فيما استثناه فهو محمود في ذلك وهذا ليس بحسد في الحقيقة بل هو غبطة والغبطة محمودة فمعنى الحسد هو ان يتمنى الحاسد ان تذهب نعمة المحسود عنه ويتكلف لذلك ومعنى الغبطة ان يتمنى لنفسه مثل ذلك من غير أن يتكلف ويتمنى ذهاب ذلك عنه وهذا في أمر الدنيا غير مذموم ففي أمر الدين
(٧٤)