المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٤٩
مملوكا له وهو لا يعلم بذلك فإذا كأن لا يعرف هذا من نفسه فكيف يعرف غيره منه وكذلك لو شهد أنه لم يكن لفلان على فلان دين لأنه لا طريق إلى معرفة ما شهد به من نفى الدين عن ذمته وكذلك كل شهادة هكذا أنها لم تكن وان فلانا لم يصنع كذا وانه لم يحضر مكان كذا وإن كان بمكان كذا فهو كله باطل لان القاضي يعلم أنه مجازف في شهادته إذ لا طريق له إلى معرفة ذلك حقيقة فإذا علم الحاكم ان الشاهد كاذب أو مجازف في شهادته لا تقبل شهادته وكذلك قولهم انه لم يحضر يومئذ ذلك المكان فهذا نفى وكذلك قولهم انه كان يومئذ بمكان كذا وكذا لان المقصود ليس هو اثبات كونه في ذلك المكان وإنما المقصود نفى كونه في المكان الذي يدعيه المدعى يومئذ والمعتبر ما هو المقصود أو من التهاتر ان يقيم الرجل البينة على حق فيقضى له به فيقول المقضي عليه أنا أقيم بينة أنه لي فهذا لا يقبل منه لأنه يقيم البينة لابطال قضاء القاضي عليه ودعواه ذلك غير مسموع فكيف تقبل بينة عليه وهذه البينة لو كانت قائمة له عند القضاء يمتنع القاضي من القضاء للمدعى فلأن لا يبطل القضاء بها أولى (قال) ولو قبلت مثل هذا لقبلت من الاخر مثلها فيؤدى إلى مالا يتناهى وذكر في الأصل المسألة التي بيناها في كتاب الحدود إذا شهد أربعة على شهود الزنا أنهم التزماه وقد بيناها ثمة والله أعلم (باب الشهادة في النسب وغيره) (قال رحمه الله وإذا شهد شاهدان على رجل انه فلان ابن فلان الفلاني وان الميت فلان ابن فلان ابن عمه وورثته لا يعلمون له وارثا غيره ولفلان ذلك الميت دار في يد رجل وهو مقر أنها له غير أنه لا يعرف له وارثا فانا أجيز شهادة هؤلاء على النسب وأدفع إليه الدار وان كانوا لم يذكروا أباه استحسانا) وهذه فصول أربعة النسب والنكاح والقضاء والموت وفي القياس لا تجوز الشهادة في شئ منها بالتسامع لان الشهادة لا تجوز الا بعلم وإنما يستفيد العلم بمعاينة السبب أو بالخبر المتواتر فاما بالتسامع لا يستفيد العلم وقال الله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم وحكم المال أخف من حكم النكاح فإذا كانت الشهادة على المال بالتسامع لا تجوز ففي النكاح أولى وفي التسامع القاضي والشاهد سواء ثم لا يجوز للقاضي أن يقضي بالتسامع فكذلك لا يجوز للشاهد إلا أنا استحسنا جواز الشهادة على هذه الأشياء الأربعة لتعامل الناس في ذلك
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست