شريعة والخطأ لا يجوز أن يكون أصل الشريعة فعرفنا أنه ما كان يقر على الخطأ وبيان ذلك في قوله تعالى عفى الله عنك لم أذنت لهم الآية وعن عمر بن عبد العزيز رحمه الله قال إذا كان في القاض خمس خصال فقد كمل وإن كان فيه أربع ولم يكن فيه واحدة ففيه وصمة وإن كان فيه ثلاث ولم يكن فيه اثنين ففيه وصمتان وهذا عبارة عن النقصان والوصم كسر يسير وفوقه القصم ونظيره القنص بالأنامل وفوقه القبض باليد وفوقه الاخذ وهو التناول قال فقال قائل ما هي يا أمير المؤمنين قال علم بما كان قبله وهو إشارة إلى ما بينا في حق المجتهد قال ونزهة عن الطمع وهو مأخوذ من النزاهة فمن يتحرز عن شئ يقال هو يتنزه عن كذا والأظهر وتزهد عن الطمع من الزهادة فكل الفتنة للقاضي في طمعه فيما في أيدي الناس ولما امتحن عليا رضي الله عنه قاضيا قال له بم صلاح هذا الامر قال بالورع قال فيما فساده قال بالطمع قال حق لك أن تقضى فينبغي للقاضي أن يكون منزها عن الطمع ليأمن الفتنة ويخلص عمله لله تعالى قال وحكم عن الخصم يعنى ان يحكم في بعض ما يسمع من الخصوم مع قدرته على منعه وهو معنى قوله عمر رضي الله عنه لا يصلح لهذا الامر الا اللبن من غير ضعف القوى من غير عنف قال واستخفاف باللائمة معناه لا ينبغي للقاضي فيما يفصل من القضاء أن يخاف اللائمة من الناس فإنه إذا خاب ذلك يتعذر عليه القضاء بالحق والى ذلك أشار الله تعالى في قوله ولا يخافون لوم تلائم وهذا لأنه لابد أن ينصرف أحد الخصمين من مجلسه شاكيا يلوم القاضي مع أصدقائه على ما كان منه واليه أشار شريح رحمه الله حيث قيل له كيف أصبحت قال أصبحت وشطر الناس على غضبان فإذا تفكر القاضي واشتغل بالتحرز عن اللائمة يتعذر عليه فصل القضاء قال ومشاورة أولى الرأي وفيه دليل على أن القاضي وإن كان عالما فينبغي له أن لا يدع مشاورة العلماء وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس مشاورة لأصحابه رضي الله عنهم يستشيرهم حتى في قوت أهله وإدامهم قال صلى الله عليه وسلم المشورة تلقح العقول وقال صلى الله عليه وسلم ما هلك قوم عن مشورة قط وكان عمر رضي الله عنه يستشير الصحابة رضوان الله عليهم مع فقهه حتى كان إذا رفعت إليه حادثة قال ادعوا إلى عليا وادعوا إلى زيد بن أبي كعب رضي الله عنهم فكان يستشيرهم ثم يفصل بما اتفقوا عليه فعرفنا أنه لا ينبغي للقاضي أن لا يدع المشاورة وإن كان فقيها ولكن في غير مجلس القضاء على ما بينا ان الاشتغال بالمشورة في مجلس القضاء ربما يحول بينه وبين
(٧١)