المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١٨
يسلم لهما ذلك الاجر فان قبلوا الطعام على أن يطحنوه باجر معلوم ولم يؤجر والا الجمل بعينه فما اكتسبوه صار أثلاثا بينهم لأنهم اشتركوا في تقبل العمل وبذلك استوجبوا الاجر وإن كان لرجل بيت على نهر قد كان فيه رحا ماء فذهب وجاء آخر برحا آخر ومتاعها فنصبها في البيت واشتركا على أن يتقبلا من الناس الحنطة والشعير فطحناه فما كسبا فهو بينهما نصفان فهو جائز وما طحناه وما تقبلاه فاجره بينهما نصفان لاستوائهما في تقبل العمل في ذمتها وليس للرحى ولا للبيت أجرة لان كل واحد منهما ما ابتغى عن متاعه أجرا سوى ما قال (ألا ترى) أن قصارين لو اشتركا على أن يعملا في بيت أحدهما باداه الآخر فما كسبا فهو بينهما نصفان كان جائزا ولم يكن لواحد منهما أن يطالب صاحبه باجر دابته ولو أجر الرحا باجر معلوم على طعام معلوم كان الاجر كله لصاحب الرحا لأنه مسمى بمقابلة منفعة ملكه ولصاحب البيت أجر مثل بيته ونفسه على صاحب الرحا إذا كان قد عمل في ذلك لان منفعة بيته ونفسه سلمت لصاحب الرحا ولم يسلم له بمقابلته ما شرط له من الاجر (قال) ولا أجاوز به نصف أجر مثل الرحا في قول أبى يوسف رحمه الله وقد بينا نظيره في كتاب الشركة ولو انكسر الحجر الأعلى من الرحا فنصب رجل مكانه حجرا بغير أمر صاحبه وجعل يتقبل الطعام ويطحن فهو مسئ في ذلك ضامن لما أفسد من الحجر الأسفل ومتاعه لأنه غاصب والأجر له لأنه وجب بعقده وإن كان وضع الحجر الا على برضاء صاحبه على أن الكسب بينهما نصفان فهو كما شرط وهو نظير ما سبق إذا كان يتقبلان الطعام فالاجر بينهما كما شرط ولو بنى على نهر بيتا ونصب فيها رحا ماء بغير رضى صاحب النهر ثم يقبل الطعام فكسب في ذلك مالا كان له في الكسب وكان ضامنا لمناقص البيت وساحته وموضعه والنهر لأنه متلف لذلك بفعله ولا يضمن شيئا من الماء لأن الماء غير مملوك ولأنه لم يفسد شيئا من الماء بعمله ولو أن رجلا له نهر اشترك هو ورجلان على أن جاء أحدهما برحاء والاخر بمتاعها على أن يبنوا البيت جميعا من أموالهم على أن ما كسبوا من شئ فهو بينهم فهو جائز وهذا مثل المسألة الأولى إذا كانوا يتقبلون الطعام فالاجر بينهم أثلاثا والله أعلم بالصواب (باب الكراء إلى مكة) (قال رحمه الله وإذا استأجر بعيرين من الكوفة إلى مكة فحمل على أحدهما محملا فيه
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست