المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ١١١
يبطل حقه بحضور غيره كيف وقد قال صلى الله عليه وسلم من تواضع لغنى لغناه ذهب ثلثا دينه ولان القاضي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى أمر رسوله عليه الصلاة والسلام بما قال واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم الآية ونظر القاضي لهم بسبب الدين وفي ذلك السلطان وغيره سواء فإنما يقدمهم على منازلهم بما ذكر في بعض النسخ من أصل بعض مسائل التحكيم وتمام ذلك في كتاب الصلح فنذكر هنا مقدار ما ذكر فنقول الحكم فيما بين الخصمين بمنزلة الحاكم المولي حتى يشترط فيه الأهلية للشهادة فإذا كان أعمى أو محدودا في قذف أو عبد أو مكاتب لم يجز حكمه بين المسلمين وما يحكم به بمنزلة اصطلاح الخصمين عليه لأنه بتراضيهما صار حكما حتى أن لكل واحد منهما أن يرجع فيها ما لم يمض فيه الحكم والحكومة فإذا أمضاها فليس لواحد منهما أن يرجع فيها كما في الصلح ولو دفع حكم الحاكم إلى القاضي فان وافق الحق ووافق رأيه أمضاه لأنه لو نقضه احتاج إلى اعادته في الحال وان كأن لا يوافق الحق أبطل وكذلك أن كان رأيه لا يوافق رأيه في المجتهدات فإنه يبطله بمنزلة اصلاح الخصمين لان رضاهما بحكمه لا يكون حجة الالزام في حق القاضي وان حكما رجلين فحكم أحدهما دون الاخر فان ذلك لا يجوز لأنهما رضيا برأيهما ورأي الواحد لا يكون كرأي المثنى ولا يصدقان على ذلك الحكم بعد القيام من مجلس الحكومة حتى يشهد على ذلك غيرهما لأنهما كسائر الرعايا بعد القيام من مجلس الحكومة فلا تقبل شهادتهما على فعل باشراه وليس ينبغي للحكم أن يقضى في إقامة حد أو تلاعن بين الزوجين لان اصطلاح الخصمين على ذلك غير معتبر وما يحكم به بمنزلة اصطلاح الخصمين عليه وهذا لان إقامة الحدود واللعان بين الزوجين في حق الشرع فلا يستحق فيه الامن يعين ثانيا وعليه استيفاء حقوق الله تعالى وهم القضاة والأئمة (ألا ترى) أن من عليه الحد لا يقيمه على نفسه فكذلك ليس للحكم ان يقيم شيئا من ذلك لأنه ما تعين نائبا في استيفاء حقوق الله تعالى والله تعالى أعلم بالصواب (كتاب الشهادات) (قال الشيخ الامام الاجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الاسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله إملاء اعلم بان اشتقاق الشهادة من المشاهدة وهي المعاينة فمن حيث أن
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست