المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٥٢
لالتزامه ذلك القدر من الضرر وان استأجره ليبنى له حائطا بالرهص وشرط عليه الطول والعرض والارتفاع فهو جائز لان العمل بما سمى يصير معلوما عند أهل الصنعة على وجه لا يتفاوت والله أعلم بالصواب (باب إجارة الرقيق في الخدمة وغيرها) (قال رحمه الله وإذ استأجر عبدا للخدمة كل شهر باجر مسمى فهو جائز) لأنه عقد متعارف وقد كانت الصحابة رضوان الله عليهم يباشروا ذلك فهو عمل مباح معلوم في نفسه فيجوز الاستئجار عليه وله أن يستخدمه من السحر إلا أن تنام الناس بعد العشاء الأخيرة لان بمطلق التسمية يستحق ما هو المتعارف وابتداء الاستخدام من وقت السحر متعارف فمن يبتكر يحتاج إلى أن يسرج الخادم ويهيأ أمر طهوره ويرفع فراش نومه ويبسط ثوب تعبده وكذلك إلى ما بعد العشاء الأخيرة قد يجلسون ساعة خصوصا في زمن طول الليالي ثم يحتاج إلى خادم يبسط فراش نومه ويطوى ثيابه ويطفئ السراج فلهذا كان له أن يستخدمه إلى هذا الوقت وإنما يخدمه كما يفعل الناس فما يكون اعمال الخدمة معلوم عند الناس يطلبون ذلك من المماليك والخدم ولا يكلفونهم فوق ذلك فكذلك في وسط الليل الاستخدام غير متعارف ولا يكون له أن يكلفه ذلك ويكره له أن يستأجر امرأة حرة أو أمة يستخدمها ويخلو بها لقوله صلى الله عليه وسلم لا يخلون رجل بامرأة ليس منها بسبيل فان ثالثهما الشيطان ولأنه لا يأمن من الفتنة على نفسه أو عليها إذا خلا بها ولكن هذا النهى لمعنى في غير العقد فلا يمنع صحة الإجارة ووجوب الاجر إذا عمل كالنهي عن البيع وقت النداء وإذا استأجر العبد كل شهر بكذا ففي قوله أبي حنيفة رحمه الله الأول يطالبه بالأجر شهرا فشهرا وفي قوله الاخر يوما بيوم وقد بينا نظيره وان دفع عبده إلى رجل يقوم عليه أشهر مسماة في تعليم النسخ على أن يعطيه المولى كل شهر شيئا مسمى فهو جائز لأنها استأجره ليتعلم عنده وتعليم الاعمال معلوم عند أهل الصنعة فيصح الاستئجار عليه عند بيان المدة وإن كان الأستاذ هو الذي شرط للمولى أن يعطيه ذلك ويقوم على غلامه في تعليم ذلك فهو جائز لأنه يستخدم الغلام ويستعمله في حوائجه واستأجره مدة معلومة بما سمى من البدل وتعليم العمل وكل واحد منهما يصلح عوضا عند الانفراد فكذلك عند الجمع بينهما وكذلك تعليم سائر الأعمال وتعليم الخط والهجاء والحساب
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست