المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٧٦
قرب إليه في خصومة فقال له علي رضي الله عنه أخصم أنت فقال نعم فقال علي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نضيف الخصم إلا أن يكون خصموه معه وفيه دليل أنه لا بأس للامام أن يخص بعض الناس بالضيافة إذا لم يكن له خصومة وانه لا ينبغي له أن يضيف أحد الخصمين دون الآخر لان ذلك يكسر قلب الخصم الآخر ويلحق به تهمة الميل ولا بأس بأن يضيفهما جميعا لان تهمة الميل تنتفى عنه إذا سوى بينهما وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه ما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه اقض بين هذين قال أأقضي وأنت حاضر أو جالس قال صلوات الله عليه وسلامه نعم قال على ماذا أقضى قال سلام الله عليه على أنك ان اجتهدت فأصبت فلك عشر حسنات وان أخطأت فلك حسنة وفيه دليل لأهل السنة رحمهم الله المجتهد يصيب ويخطئ وعليه دل قوله تعالى ففهمناها سليمان والفهم هو إصابة الحق فقد خصه بذلك ففيه دليل على أنه معذور وان أخطأ وهذا إذا لم يكن طريق الإصابة بينا هو مثاب على اجتهاده فان أصاب المطلوب بالاجتهاد فله ثواب الاجتهاد وثواب إظهار الحق بجهده وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم فلك عشر حسنات وان أخطأ فله حسنة على اجتهاده إذا كان مصيبا في طريق الاجتهاد وإن لم يصب المطلوب بالاجتهاد وعن عمر ان بن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى مع القاضي ما لم يخف عملا يشدده للحق ما لم يرد غيره وهذا في كل عامل يبتغى بعمله وجه الله تعالى فالله تعالى يعينه على ذلك ويوفقه قال الله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وقال صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه لا تسأل الامارة فإنك ان تعطيها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أمنت عليها ثم هذا الوعد للقاضي ما لم يظلم عمدا فالحيف هو الظلم فإذا اشتغل به كله الله إلى نفسه وكذلك إذا أراد بعمله غير الله تعالى قال صلى الله عليه وسلم فيما يأثر عن الله عز وجل أنا أغنى الشركاء عن الشركة فمن عمل لي عملا وأشرك فيه غيري فهو كل لذلك الشريك وانا منه برئ قال وينبغي للقاضي أن ينصف الخصمين في مجلسهما وفي النظر إليهما وفي المنطق أي يسوى بينهما فالانصاف عبارة عن التسوية مأخوذ من المناصفة ففي كل ما يتمكن من مراعاة التسوية فيه فعليه ان يسوى بينهما في ذلك الا مالا يكون في وسعه الامتناع منه من النهى فعليه أن يظهر حجة أحدهما فهو غير مأخذ بذلك لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستوى في القسم بين نسائه ثم يقول اللهم هذا في
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست