المبسوط - السرخسي - ج ١٦ - الصفحة ٥٧
فيه قال الله تعالى لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا أي لا يقصرون في الافساد من دينكم والله أعلم بالصواب (باب الاستئجار على ضرب اللبن وغيره) (قال رحمه الله وإذا استأجر الرجل رجلا ليضرب له لبنا في داره فإن كان الملبن معلوما فهو جائز) لان العمل يتفاوت بحسب الملبن فإذا كان مجهولا فهذه الجهالة تفضى إلى المنازعة وبعدما كان معلوما فلا منازعة بينهما فان أسد لبنه المطر قبل أن يرفعه أو انكسر فلا أجر عليه لأنه لا يصير العمل مسلما إلى المستأجر ما لم يصر لبنا فما دام على الأرض فهو طين لم يصر لبنا بعد (ألا ترى) أنه لو ترك كذلك فسد وصار وجه الأرض فان أقامه فهو برئ منه اللبان في قول أبي حنيفة رحمه الله وله الاجر وان فسد بعد ذلك وعندهما لا حتى يجف فإذا جف وأشرح فحينئذ له الاجر ومذهبهما استحسان اعتبرا فيه العرف واللبان هو الذي يتكلف لذلك في العادة ومثل هذا يصير مستحقا بمطلق العقد كاخراج الخبز من التنور وغرف القدور في القصاع يكون مستحقا على الطباخ عند الاستئجار في الوليمة وأبو حنيفة رحمه الله أخذ بالقياس فقال المستحق عليه يصير الطين لبنا وقد فعل فإنه لما أقام من وجه الأرض عرفنا أنه صار لبنا وخرج من أن يكون طينا فالطين ينتشر على وجه الأرض ولان الإقامة لتسوية أطرافه وذلك من عمل اللبان فاما بعد ذلك الجفاف ليس من عمل اللبان والتشريح كذلك فإنه جمع اللبن وليس بعمل ليخدمه في العين فهو كالنقل إلى موضع البناء وذلك لا يستحق على اللبان * توضيحه أن المستأجر قد ينقل اللبن إلى موضع العمل قبل أن يشرحه فلم يكن التشريح من المقاصد لا محالة بخلاف الإقامة فإنه لا ينقله إلى موضع العمل قبل الإقامة فصار ذلك مستحقا له على اللبان لما عرف من مقصود المستأجر وهذا كله إذا كان يقيم العمل في ملك المستأجر فاما في غير ملكه ما لم يشرحه ويسلمه إلى المستأجر لا يخرج من ضمانه حتى إذا فسد قبل أن يسلمه إليه لم يكن له الاجر الا على قول زفر رحمه الله وقد بينا نظيره في الخياط والفرق بينما إذا كان يعمل في بيت نفسه أو في بيت المستأجر. ولو تكاري خبازا يخبز له لم يجب له الاجر حتى يخرجه من التنور وهذا على مذهبهما ظاهر وأبو حنيفة رحمه الله يفرق بين هذا وبينما سبق فيقول لا بد من اخراج الخبز من التنور فالمستأجر لا يفعل ذلك
(٥٧)
مفاتيح البحث: الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست