المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٧
ألفاظ اليمين المعتبر هو العرف وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول قد علمت بالنص ان الحين بعض الدهر ولم أجد في تقدير الدهر شيئا نصا ونصب المقادير بالرأي لا يكون وإنما يعتبر العرف فيما لم يرد نص بخلافه فلهذا توقف ولا عيب عليه في ذلك ألا ترى ان ابن عمر رضي الله عنه لما سئل عن شئ فقال لا أدري حين لم يحضره جواب ثم قال طوبى لابن عمر سئل عما لا يدرى فقال لا أدري وقيل إنما قال لا أدرى لأنه حفظ لسانه عن الكلام في معني الدهر فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر معناه أنه خالق الدهر وفي حديث آخر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال فيما يؤثر عن ربه استقرضت من عبدي فأبى ان يقرضني وهو يسبني ولا يدرى فسب الدهر ويقول وا دهراه وإنما انا الدهر حديث فيه طول فلهذه الآثار الظاهرة حفظ لسانه وقال لا أدري ما الدهر وهو كما روى أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن خير البقاع فقال لا أدري حتى أسأل جبريل فسأل جبريل فقال لا أدري حتى أسأل ربى فصعد إلى السماء ثم نزل وقال سألت ربى عن ذلك فقال خير البقاع المساجد وخير أهلها من يكون أول الناس دخولا وآخرهم خروجا فعرفنا ان التوقف في مثل هذا يكون من الكمال لا من النقصان وان حلف لا يكلمه الأيام فهو على عشرة أيام في قول أبي حنيفة وفي قول أبي يوسف ومحمد رضوان الله عليهم أجمعين على سبعة أيام لان الألف واللام للمعهود فيما فيه معهود والمعهود في الأيام السبعة التي تدور عليها الشهور والسنين كلما دارت عادت وفي الشهور اثني عشر شهرا وليس في السنين معهود فيستغرق العمر وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول الألف واللام للكثرة فكأنه قال أياما كثيرة وأكثر ما يتناوله اسم الأيام مقرونا بالعدد العشرة لأنه يقال بعده أحد عشر يوما وكذلك في الشهور والسنين فينصرف يمينه إلى العشرة مما سمي وان قال أياما ولانيه له على قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى هو على ثلاثة أيام لأنه ذكر لفظ الجمع وأدنى ما يطلق عليه اسم الجمع المتفق عليه ثلاثة وكذلك قول أبي حنيفة على ما ذكره في الجامع الكبير وهو الصحيح وذكر هنا أن على قوله يكون على عشرة أيام سواء قال أياما أو قال الأيام وأكثر مشايخنا على أن هذا غلط والصحيح ما ذكره في الجامع وقد بيناه ثمة وان حلف ليعطينه غدا في أول النهار فإذا أعطاه قبل أن ينتصف النهار بر لما بينا أن للنهار أولا وآخرا كما للشهر وان حلف ليعطينه مع حل المال أو عند حله أو حين يحل المال أو حيث يحل ولا نية له فهذا يعطيه
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست