المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٠٣
لأنه مأمور بالاحتيال لدرء الحد لا لإقامته وفى هذا احتيال لإقامة الحد فلا يكون للقاضي أن يشتغل به (قال) وينبغي للقاضي إذا أشكل عليه شئ أن يسأل من هو أفقه منه ولا يسعه الا ذلك لقوله تعالى فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون وقال صلى الله عليه وسلم هلا سألوه إذا لم يعرفوه وإنما شفاء العي السؤال ولأنه مأمور بالقضاء بحق ولا يتصل إلى ذلك فيما أشكل عليه الا بالسؤال فلا يسعه الا ذلك فان أشار عليه ذلك الذي هو أفقه منه في رأى نفسه بما هو خطأ عند القاضي فعليه أن يقضي بما هو الصواب عنده إذا كان يبصر وجوه الكلام لأنه مأمور شرعا بالاجتهاد إذا كان مستجمعا شرائطه ولا يحل للمجتهد أن يدع رأيه برأي غيره وإن كان أفقه منه فقد يسبق وجه الصواب في حادثة لإنسان ويشتبه على غيره وإن كان أفقه منه وان ترك رأيه وعمل بقول ذلك الفقيه كان موسعا عليه أيضا لان هذا نوع اجتهاد منه فان عند تعارض الأقاويل ترجيح قول من هو أفقه منه نوع اجتهاد ألا ترى ان القاضي إذا لم يكن مجتهدا واختلف العلماء في حادثة كان عليه ان يأخذ بقول من هو أفقه عنده ويكون ذلك اجتهاد مثله وهناك أيضا إذا قدم رأى من هو أفقه منه على رأى نفسه كان ذلك نوع اجتهاد منه فكان موسعا عليه والله أعلم بالصواب (باب الرجوع عن الشهادات) (قال) وإذا شهد ثمانية نفر على رجل بالزنا كل أربعة يشهدون على الزنا بامرأة على حدة فرجمه القاضي ثم رجع أربعة منهم عن الشهادة لم يضمنوا ولم يحدوا لأنه قد بقي على الشهادة أربعة منهم ولان ما يثبته عليه شهادة الأربعة والمعتبر في مسائل الرجوع بقاء من بقي على الشهادة فان بقي على الشهادة من تتم به الحجة لم يضمن الراجعون شيئا ولا يحدون أيضا لأنه غير محصن في حق أحد ما بقيت حجة تامة على زناه فان رجع واحد من الآخرين أيضا فعلي الراجعين ربع الدية لأنه قد بقي علي الشهادة من يستحق بشهادته ثلاثة أرباع النفس وإنما انعدمت الحجة في الربع فعلى الراجعين ذلك القدر وليس بعضهم بالوجوب عليه بأولى من البعض لأنه قبل شهادتهم جميعا ويحدون حد القذف في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وفى قول محمد رحمه الله تعالى لا يحدون وكذلك أن رجع
(١٠٣)
مفاتيح البحث: الشهادة (7)، الزنا (2)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست