المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٦
مجئ الوقت المسمى أو وهبه له أو أبرأه منه ثم جاء الوقت وليس عليه شئ لم يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لما بينا أن اليمين المؤقتة إنما تنعقد موجبا في آخر الوقت المسمى وعند ذلك لاحق له عليه وفي مثله لا ينعقد اليمين عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى خلافا لأبي يوسف رحمه الله تعالى ولو مات أحدهما قبل مضى الوقت لم يحنث لان شرط حنثه ترك فعل الأداء في آخر ذلك الوقت إليه ولا يتحقق ذلك إذا مات أحدهما قبله وكذلك لو قضي إلى وكيل الطالب بر لان دفعه إلى وكيل الطالب كدفعه إلى الطالب وان حلف لا يعطيه حتى يأذن له فلان فمات فلان قبل أن يأذن له فأعطاه لم يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ويحنث في قول أبى يوسف رحمه الله لأنه عقد يمينه على فعل الاعطاء وجعل لذلك غاية وهو اذن فلان فبموت فلان تفوت الغاية وذلك يوجب صيرورة اليمين مطلقة لاطلاقها واذن فلان كان مانعا من الحنث فبفواته يتحقق اتحاد شرط الحنث ولا ينعدم وهما يقولان المعقود عليه حرمة الدفع إلى غاية وهو اذن فلان وقد فات اذنه بموته فيفوت المعقود عليه والعقد لا يبقي بعد فوات المعقود عليه توضيحه أنها لو بقيت بقيت حرمة الدفع مطلقا لا مؤقتا وهذا المطلق لم يكن ثابتا بيمينه فلا يثبت من بعد ولأنه جعل شرط حنثه ترك الاستئذان من فلان قبل الاعطاء وذلك لا يتحقق بعد موت فلان فمن هذا الوجه يفوت شرط الحنث بموت فلان وان حلف ليقضين فلانا ماله وفلان قد مات وهو لا يعلم به لم يكن عليه حنث في يمينه وإن كان يعلم بموته حين حلف حنث وكذلك لو حلف ليضربنه أو ليكلمنه أو ليقتلنه وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف رضوان الله عليهم أجمعين يحنث علم أو لم يعلم لأنه أضاف اليمين إلى محلها فانعقدت ثم شرط البر فات منه وفوات شرط البر يوجب الحنث كما لو كان عالما بموته أو كان حيا فمات قبل أن يقتله وبيان الوصف أن محل اليمين خبر في المستقبل سواء كان الحالف قادرا عليه أو عاجزا عنه ألا ترى أنه لو قال والله لأمسن السماء أو لأحولن هذا الحجر ذهبا انعقدت يمينه لأنه عقدها على خبر في المستقبل وإن كان هو عاجزا عن ايجاده فهذا مثله وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله قالا محل اليمين المعقودة خبر فيه رجاء الصدق لأنها تعقد للحظر أو للإيجاب أو لاظهار معني الصدق وذلك لا يتحقق فيما ليس فيه رجاء الصدق فلا تنعقد أصلا كاليمين الغموس ثم إذا كأن لا يعلم بموته فمقصوده ازهاق روح موجودة فيه وقت
(٦)
مفاتيح البحث: الصدق (3)، الموت (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست