المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٥
حنث لأنه قد كساه فان فعل رسوله كفعله فان نوى أن يعطيه من يده إلى يده لم يحنث لأنه نوي حقيقة كلامه وان حلف لا يلبس سلاحا فتقلد سيفا أو تنكب قوسا أو ترسا لم يحنث لأنه لا يسمى في الناس لابسا وإنما يسمى متقلدا للسيف أو حاملا للسلاح أو معلقا له على نفسه ولو لبس درع حديد حنث لأنه يسمى به لابسا للسلاح ولو حلف لا يلبس درعا فلبس درع حديد أو درع امرأة حنث لان اسم الدرع تناولهما حقيقة وعادة فان عني أحدهما فقد نوي التخصيص في اللفظ العام وذلك صحيح فلا يحنث الا بلبس ما عنى وان حلف لا يلبس شيئا فلبس درع حديد أودع امرأة أو خفين أو قلنسوة حنث في كل ذلك لأنه عقد يمينه على فعل اللبس في محل هو شئ واسم الشئ يتناول هذا كله وفعل اللبس يوجد في كلها فلهذا حنث والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب (باب القضاء في اليمين) (قال) وإذا حلف ليعطين فلانا ماله رأس الشهر أو عند الهلال ولا نية له فله الليلة التي يهل فيها الهلال ويومها كلها لان الشهر جزء من الزمان يشتمل على الليل والنهار ورأس كل شهر أوله فأول الليلة وأول اليوم من الشهر يكون رأس الشهر ألا تري ان في العرف يقال اليوم رأس الشهر وإنما أهل البارحة وعند عبارة عن القرب وذكره في المعنى وذكر الرأس سواء وان حلف ليعطينه حقه صلاة الظهر فله وقت الظهر كله لان الصلاة تذكر بمعنى الوقت قال عليه الصلاة والسلام ان للصلاة أولا وآخرا والمراد الوقت ولان الاعطاء إنما يكون في الزمان لا في الصلاة فعرفنا ان مراده الوقت وان قال عند طلوع الشمس أو حين تطلع الشمس فهو إلى أن تبيض لان صاحب الشرع نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس ثم النهى يمتد إلى أن تبيض وان قال ضحوة فوقت الضحوة من حين تبيض الشمس إلى أن تزول وان قال مساء فالمساء مساءان أحدهما بعد الزوال والآخر بعد غروب الشمس فأيهما نوي صحت نيته وان قال سحرا فوقت السحر مما بعد ذهاب ثلثي الليل إلى طلوع الفجر الثاني فإن لم يعطه حتى مضى الوقت الذي سماه حنث لفوات شرط البر وان قال يوم كذا فله ذلك اليوم كله فإذا غابت الشمس قبل أن يعطيه حنث لان اليوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ألا ترى أن صوم اليوم يتأدى بوجود الامساك في هذا القدر وان أعطاه قبل
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست