المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٢٦
وقد تحقق منه بما استعار من حائطه ليضع عليه جذوعه فهو كما لو استعار منه بيتا أو دارا أو دابة ولو سار إليه ضيفا أو دخل عليه فاستقى من بئره لم يحنث لأنه لا يسمى مستعيرا شيئا فان موضع جلوس الضيف وما جلس عليه في يد المضيف ومن استقي من بئر في دار غيره لا تثبت يده على الرشا فلا يكون مستعيرا شيئا من ذلك ولو حلف لا يعرف هذا الرجل وهو يعرفه بوجهه دون اسم لم يحنث لأنه يعرفه من وجه دون وجه فإنه يمكنه أن يشير إليه إذا كان حاضرا ولا يمكنه احضاره إذا كان غائبا والثابت من وجه دون وجه لا يكون ثابتا مطلقا والأصل فيه ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل رجلا عن رجل فقال هل تعرفه فقال نعم فقال هل تدرى ما اسمه قال لا قال فإنك إذا لا تعرفه إلا أن يعنى معرفة وجهه فان عني ذلك فقد شدد الامر على نفسه واللفظ محتمل لما نوى وهذا إذا كان للمحلوف عليه اسم فإن لم يكن له اسم بأن ولد من رجل فرأى الولد جاره ولكن لم يسم بعد فحلف الجار أنه لا يعرف هذا الولد فهو حانث لأنه يعرف وجهه ويعرف نسبه وليس له اسم خاص ليشترط معرفة ذلك فكان حانثا في يمينه والله أعلم بالصواب (باب في الاستثناء) (قال) وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إلا أن يقدم فلان فان قدم فلإن لم تطلق وان مات قبل أن يقدم طلقت لان معنى كلامه أنت طالق إن لم يقدم فلان أي الا ان يقدم فلان فلا تكون طالقا وإنما لا تكون طالقا عند قدوم فلان إذا كان الوقوع متعلقا بشرط عدم القدوم سواء كان الشرط نفيا أو اثباتا فما لم يوجد لا ينزل الجزاء فان قدم فلان فشرط الوقوع قد انعدم وإذا مات قبل أن يقدم فقد تحقق شرط الوقوع الآن وهذا بخلاف ما لو قال أنت طالق ان كلمت فلانا إلا أن يقدم فلان فإنها ان كلمت فلانا قبل القدوم طلقت وان سبق القدوم لم تطلق بعد ذلك وان كلمت فلانا يمين لوجود الشرط والجزاء واليمين قابلة للتوقيت فكان قوله إلا أن يقدم فلان توقيت ليمينه بمعنى حتى وإذا كلمت قبل القدوم فقد وجد الشرط واليمين باقية فتطلق وإذا قدم فلان فقد انتهت اليمين بوجود غايتها وإذا كلمت بعد ذلك فقد وجد الشرط ولا يمين فاما في الأول قوله أنت طالق ايقاع لا يحتمل التوقيت فلو جعلنا قوله إلا أن يقدم فلان بمعنى حتى كان لغوا وكلام العاقل مهما أمكن
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست