تم شرط بره ولو حلف ليعطينه عاجلا ولا نية له فالعاجل قبل أن يمضى الشهر لان الآجال في العادة تقدر بالشهور وأدنى ذلك شهر فما دونه في حكم العاجل وكذلك لو حلف لا يكلم فلانا عاجلا فإن كان يعنى شيئا فهو على ما نوى وإن لم يكن له نية فإذا كلمه بعد شهر لم يحنث وكذلك إذا قال مليا فالمراد به البعيد قال تعالى واهجرني مليا وإن كان يعني شيئا فهو على ما نوى والا كان على الشهر فصاعدا لان البعيد والأجل سواء وان حلف ليعطينه في أول الشهر الداخل فيه فله أن يعطيه قبل أن يمضى منه نصفه وان مضى منه نصفه قبل أن يعطيه حنث لان للشهر أولا وآخرا فأوله عند الاطلاق يتناول النصف الأول والآخر منه يتناول النصف الآخر وعلى هذا روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لو قال والله لا أكلمه آخر يوم من أول الشهر وأول يوم من آخر الشهر أن يمينه يتناول الخامس عشر والسادس عشر وان حلف لا يعطيه ماله عليه حينا فأعطاه قبل ستة أشهر حنث لان الحين قد يذكر بمعنى الساعة قال الله تعالى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون والمراد وقت الصلاة ويذكر بمعنى أربعين سنة قال الله تعالى هل أتي على الانسان حين من الدهر ويذكر بمعنى ستة أشهر كل نقل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في تأويل قوله تعالى تؤتى أكلها كل حين باذن ربها أنه ستة أشهر من حين يخرج الطلع إلى أن يدرك التمر فعند الاطلاق يحمل على الوسط من ذلك فان خير الأمور أوسطها ولأنا نعلم أنه لم يرد به الساعة فإنه إذا قصد المماطلة ساعة واحدة لا يحلف على ذلك ويعلم أنه لم يرد أربعين سنة فإنه إذا أراد ذلك يقول ابدا فعرفنا ان المراد ستة أشهر والزمان في هذا كالحين لأنهما يستعملان استعمالا واحدا فان الرجل يقول لغيره لم ألقك منذ حين لم ألقك منذ زمان ويستوى إن كان ذكره معرفا بالألف واللام أو منكرا لان ستة أشهر لما صار معهودا في الحين والزمان فالمعرف ينصرف إلى المعهود وكذلك الدهر في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا أدري مالدهر من أصحابنا من يقول هذا الاختلاف فيما إذا ذكره منكرا وقال دهرا فاما إذا ذكره معرفا فذلك على جميع العمر قال الله تعالى حين من الدهر فقد جعل الحين من الدهر جزء فيبعدان يسوى بينهما في التقدير ومنهم من قال إن الخلاف في الكل واحد وهما يقولان الدهر في العرف يستعمل استعمال الحين والزمان فان الرجل يقول لغيره لم ألقك منذ دهر لم ألقك منذ حين وفى
(١٦)