المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٢٠٥
الطريق على قوم من أهل الحرب مستأمنين في دار الاسلام لم يلزمهم الحد لما بينا أن السبب المبيح في مال المستأمن قائم وهو كون مالكه حربيا وان تأخر ذلك إلى رجوعه إلى دار الحرب ولكنهم يضمنون المال ودية القتلى لبقاء الشبهة في دم المستأمن بكونه متمكنا من الرجوع إلى دار الحرب وهذا مسقط للعقوبة ولكنه غير مانع من وجوب الضمان الذي يثبت مع الشبهة لقيام العصمة في الحال ولكن يوجعون عقوبة لتخويفهم الناس بقطع الطريق كما إذا لم يصيبوا مالا ولا نفسا (قال) وإذا قطعوا الطريق على قافلة عظيمة فيها مسلمون ومستأمنون أقيم عليهم الحد إلا أن يكون القتل وأخذ المال وقع على أهل الحرب خاصة فحينئذ لا يجب الحد كما لو لم يكن معهم غيرهم فأما إذا وقع القتل وأخذ المال على المسلمين وأهل الحرب يقام عليهم الحد كما لو لم يكن أهل الحرب معهم وهذا بخلاف ما إذا كان في القافلة ذو رحم محرم من أحدهم لما بينا أن مال ذي الرحم في حقه في حكم الحد كماله فيمكن ذلك شبهة في فعلهم فأما مال المستأمنين ليس كماله وإنما لم يكن أخذ مال المستأمنين موجبا للعقوبة عليه لبقاء شبهة الإباحة في ماله وذلك غير موجود في حق المسلمين وأهل الذمة فيقام عليهم الحد باعتبار نفوس المسلمين ومالهم ويجعل كأنهم لم يتعرضوا للمستأمنين بشئ (قال) وإذا حرم قاطع الطريق حين يأتي به الامام لم يدرأ عنه الحد بذلك لان احرامه لو اقترن بالسبب لم يمنع وجوب الحد عليه فكذلك إذا اعترض وكذلك لو كان ذميا فأسلم وهذا الحد معتبر بسائر الحدود حكما وكما أن احرامه واسلامه لا يمنع إقامة سائر الحدود فكذلك هذا الحد (قال) وإذا قتله رجل في حبس الامام قبل أن يثبت عليه شئ ثم قامت البينة بما صنع فعلى قاتله القود لان العصمة والتقوم لا يرتفع بمجرد التهمة ما لم يقض القاضي بحل دمه فإنما قتل نفسا محقونة فعليه القود ثم القاضي لا يقضي عليه بحل دمه بعد ما قتل لفوات المحل فوجود هذه البينة كعدمها إلا أن يكون القاتل هو ولي المقتول الذي قتله هذا في قطع الطريق فحينئذ لا يلزمه شئ لأنه استوفى حق نفسه على ما بينا ان السبب الموجب للقود قد تقرر وإنما يمتنع ظهوره إذا ظهر استحقاق نفسه حدا ولم يظهر ذلك قبل إقامة البينة عليه فكان الولي مستوفيا حقه فلا يلزمه شئ والله أعلم * * * تم الجزء التاسع
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205
الفهرست