المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٤
قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى إن كان على العبد دين يحيط بكسبه وبرقبته لم يحنث وان نواها لان من أصله ان المولى لا يملك كسب عبده المديون بخلاف ما إذا لم يكن عليه دين فان هناك إذا نواها يحنث لأنه نوى إضافة الملك وهو مملوك له وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى سواء كان عليه دين أولم يكن عليه دين فإنه نواها يحنث لان عنده استغراق كسب العبد بالدين لا يمنع ملك المولى وعند محمد يحنث على كل حال لان المعتبر عنده إضافة الملك واستغراق كسب العبد بالدين يمنع ملك المولى وان ركب دابة لمكاتب فلإن لم يحنث وكذلك الدار والثوب لأنه ان اعتبر إضافة الملك فكسب المكاتب غير مملوك ما بقي مكاتبا وان اعتبر إضافة النسبة فهي منسوبة إلى المكاتب دون المولى وان حلف لا يركب مركبا ولا نية له فركب سفينة أو محملا أو دابة حنث لأنه ذكر المركب هنا وكل هذا مركب والمركب ما يركب ومن حيث العرف تسمى السفينة مركبا وكذلك شرعا قال الله تعالى بابني اركب معنا وقال اركبوا فيها وان حلف لا يركب بهذا السرج فزاد فيه شيئا أو نقص منه حنث لأنه ذلك السرج الذي عينه وقد ركب به والنقصان والزيادة في شئ لا يبدل أصله ولو بدل السرج نفسه وترك اللبد والصفة لم يحنث لان اسم السرج للحنا أصل واللبد والصفة وصف فيه والمعتبر هو الأصل دون الوصف وهذا لان الذي يدعوه إلى اليمين ضيق السرج وسعته وذلك يتبدل بتبدل الحنا دون اللبد والصفة وإذا حلف بالله ماله مال وله دين على مفلس أو على ملى وليس له غيره لم يحنث لان الدين ليس بمال حقيقة فالمال ما يتمول وتمول ما في الذمة لا يتحقق والمال ما يتوصل به إلى قضاء الحوائج وما في الذمة باعتبار عينه غير صالح لذلك بل باعتبار مآله وهو بالقبض والمقبوض عين وكذلك أن كان رجل قد غصبه مالا فاستهلكه وأقربه أو جحده وهو قائم بعينه لم يحنث أما إذا استهلكه فقد صار دينا في ذمته واما إذا كان قائما بعينه إذا كان جاحدا له فهو ناو في حق الحالف ألا ترى أنه لا يلزمه الزكاة باعتباره ولا يحرم عليه الصدقة باعتباره والتاوي لا يمكن؟ تموله فلا يعد ذلك مالا له ولو كانت له وديعة عند انسان حنث لان الوديعة عين ماله ويد مودعه كيده ألا ترى أنه يتمكن من استردادها متى شاء وأنه تنفذ تصرفاته فيها مطلقا ولم يذكر المغصوب إذا كان قائما بعينه والغاصب مقر به قيل هنا يحنث لأنه متمكن من استردادها بقوة السلطان لما كان الغاصب مقرا به وتصرفه فيه ينفذ فهو كالوديعة وقيل لا يحنث لان الغاصب إذا كان قاهرا فالظاهر
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست