وإذا قال أي غلماني أخبرني بكذا فالأول والثاني والكاتب والمرسل يعتقون جميعا لان الخبر متحقق منهم فقد يخبر المرء بما هو معلوم له كما يخبر بما غاب عنه علمه إلا أن يعني المشافهة فتعمل نيته لأنه حقيقة كلامه وقع في بعض نسخ الأصل التسوية بين الاخبار والاعلام والمراد أن الاعلام يحصل بالكتاب والرسول كالاخبار فأما الاعلام لا يكون من الثاني بعد الأول لان الاعلام ايقاع العلم بالخبر وذلك لا يتكرر بخلاف الاخبار ألا ترى أن الرجل يقول أخبرني بهذا غير واحد ولا يقول أعلمني غير واحد وإذا قال أي غلماني حدثني فهو على المشافهة بمنزلة قوله كلمني ألا ترى أنا نقول أخبرنا الله بكذا بكتابه أو على لسان رسوله ولا نقول حدثنا الله ولا كلمنا الله وان حلف ان علم بمكان فلان ليخبرنك به ثم علما جميعا فلا بد من أن يخبره ليبر لان الاخبار يتحقق وإن كان المخبر به معلوما له ولو قال ليعلمنك به لم يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وهو حانث في قول أبى يوسف رحمه الله لأنهما إذا علما جميعا به فما هو شرط بره وهو الاعلام فائت فهو بمنزلة قوله لأشربن الماء الذي في الكوز ولا ماء فيه وان قال يوم أفعل كذا فعبده حر ففعله ليلا عتق لان اليوم يذكر بمعنى الوقت قال الله تعالى ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا والرجل يقول انتظر يوم فلان ويذكر والمراد بياض النهار فقلنا إذا قرن به ما يمتد كالصوم علم أن المراد به بياض النهار وإذا قرن به ما لا يمتد فالمراد به الوقت وإنما قرن بذكر اليوم هنا فعلا لا يمتد فكان بمعنى الوقت وان قال نويت النهار دون الليل دين في القضاء لأنه نوى حقيقة كلامه وهي حقيقة مستعملة وان قال ليلة أفعل كذا فهو على الليل خاصة لان الليل ضد النهار قال الله تعالى وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة وكما أن النهار مختص بزمان الضياء فالليل مختص بزمان الظلمة والسواد وان حلف لا يبيت في مكان كذا فأقام فيه ولم ينم حنث لان البيتوتة هو المكث والقرار بالليل في مكان ولهذا يسمى الموضع الذي يكون المرء فيه بالليل مبيتا واللفظ لا يدل على النوم واليقظة فيحنث نام أولم ينم إلا أن يعنى النوم فيكون على ما نوى لأنه نوى التخصيص في لفظه والعرف والاستعمال يشهد له وكذلك أن أقام فيه أكثر من نصف الليل وان أقام فيه أقل من نصف الليل لم يحنث لان الانسان قد يكون في بعض الليل في غير منزله ثم يرجع إلى منزله وإذا سئل أين بات قال في منزلي ولان الأكثر ينزل منزلة الكمال والأقل تبع للا كثر فإذا أقام فيه أكثر من نصف الليل فكأنه أقام فيه جميع الليل فيحنث
(١٩)