المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٩٥
بدون المحل وقد انعدم المحل بتكذيبها فأما فعل السرقة من المقر يتحقق بدون الآخر فانتفاء الفعل في حق الآخر بإنكاره لا يمنع تقرر الفعل في حق المقر موجبا للقطع والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب (باب قطاع الطريق) (قال) رضي الله عنه وإذا قطع قوم من المسلمين أو من أهل الذمة على قوم من المسلمين أو من أهل الذمة الطريق فقتلوا وأخذوا المال قال يقطع الامام أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى من خلاف أو يصلبهم ان شاء وإنما شرطنا أن يكونوا قوما لان قطاع الطريق محاربون بالنص والمحاربة عادة من قوم لهم منعة وشوكة يدفعون عن أنفسهم ويقوون على غيرهم بقوتهم ولان السبب هنا قطع الطريق ولا ينقطع الطريق الا بقوم لهم منعة وشرط أن يكونوا من المسلمين أو من أهل الذمة ليكونوا من أهل دارنا على التأبيد فإنهم إذا كانوا من أهل الحرب مستأمنين في دارنا ففي إقامة الحد عليهم خلاف وقد بيناه وشرط ان يقطعوا الطريق على قوم من المسلمين أو من أهل الذمة لتكون العصمة المؤبدة ثابتة في مالهم فإنهم إذا قطعوا الطريق على المستأمنين لا يقام عليهم الحد لانعدام العصمة المؤبدة في مالهم وقد بينا ذلك في السرقة الصغرى فهو مثله في السرقة الكبرى ثم قد بينا في أول الكتاب ان حد قطع الطريق على الترتيب بحسب جنايتهم عندنا وهو قول ابن عباس وإبراهيم رضي الله عنهما وعند مالك رحمه الله تعالى هو على التخيير وهو قول سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى ولم نأخذ بذلك لان الذي أخاف السبيل ولم يقتل ولم يأخذ مالا قدهم بالمعصية والقتل والقطع أغلظ العقوبات فلا يجوز اقامته على من هم بالمعصية ولم يباشر والقطع جزاء أخذ المال كما في السرقة الصغرى الا ان ذاك دخله نوع تخفيف من حيث أنه يخفى فعله وهذا يغلظ بالمجاهرة ولهذا وجب قطع عضوين منه من أعضائه ثم من هم بالسرقة الصغرى ولم يأخذ المال لا يقام عليه القطع فكذلك من هم بأخذ المال ههنا ولم يأخذ فان قتلوا وأخذوا المال فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى الامام فيهم بالخيار ان شاء قطع أيديهم وأرجلهم ثم قتلهم وان شاء قتلهم من غير قطع وان شاء صلبهم وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى الامام يصلبهم أخذا فيه بقول ابن عباس رضي الله عنهما ولأنه اجتمع عليه
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست