المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٠٥
نفسه لان الشرع ما جعل من عليه نائبا عنه في الاستيفاء من نفسه فان اقامته بطريق الخزي والعقوبة فلا يفعل الانسان ذلك بنفسه ومن هو دونه نائبه لا يمكنه أن يقيم فانعدم المستوفى وفائدة الوجوب الاستيفاء فإذا انعدم المستوفى قلنا إنه لا يجب والشافعي رحمه الله تعالى يقول يلزمه الحد ويجتمع الصلحاء من المسلمين على رجل ليقيم عليه ذلك الحد وأهل الزيغ يعللون في هذه المسألة ويقولون انه بالزنا قد انعزل فكان زناه في وقت لا امام فيه ولو زنى في مكان لا امام فيه وهو دار الحرب لا يلزمه الحد فكذلك إذا زنى في زمان لا امام فيه وهذا قول باطل عندنا لما قلنا أنه بالفسق لا ينعزل فأما القصاص والأموال محض حق العبد واستيفاؤه إلى صاحب الحق فيستوفيه منه ان تمكن من ذلك (قال) وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى السكر الذي يجب به الحد على صاحبه أن لا يعرف الرجل من المرأة وإنما أراد به أن من شرب ما سوى الخمر من الأشربة فلا حد عليه ما لم يسكر وحد سكره عندهما أن يختلط كلامه فلا يتميز جده من هزله لأنه إذا بلغ هذا الحد يسمى في الناس سكرانا واليه أشار الله عز وجل في قوله يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون وأبو حنيفة رحمه الله تعالى قال ما لم يبلغ نهاية السكر لا يلزمه الحد لان في الأسباب الموجبة للحد يعتبر أقصى النهاية احتيالا لدرء الحد وذلك في أن لا يعرف الأرض من السماء والفرو من القباء والذكر من الأنثى إلى هذا أشار في الأشربة والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب (باب الشهادة في القذف) (قال) رضي الله تعالى عنه وإذا ادعى رجل على رجل أنه قذفه ولا بينة له لم يستحلف على ذلك ولا يمين في شئ من الحدود لان المقصود من الاستحلاف القضاء بالنكول والنكول إنما يكون بدلا والبدل لا يعمل في الحدود أو يكون قائما مقام الاقرار والحد لا يقام بما هو قائم مقام غيره إلا أن على قول الشافعي رحمه الله يستحلف في حد القذف بخلاف سائر الحدود بناء على أصله أن حد القذف حق العبد فيستحلف فيه كالتعزير والقصاص ولان في سائر الحدود رجوعه بعد الاقرار صحيح فلا يكون استحلافه مفيدا وفي حد القذف رجوعه عن الاقرار باطل فالاستحلاف فيه يكون مفيدا كالأموال ولكنا نقول هذا حد يدرأ
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست