المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٩
المقصود من الكلام الافهام وذلك لا يحصل بعد الموت وان حلف لا يطلق امرأته فأمر رجلا فطلقها أو جعل أمرها بيدها فطلقت نفسها حنث لان الموقع للطلاق هو الزوج ولكن بعبارة الوكيل أو بعبارتها وحقوق العقد في الطلاق لا تتعلق بالعاقد بل هو معبر عن الآمر فكأنه طلقها بنفسه إلا أن يكون نوى أن يتكلم به بلسانه فحينئذ يدين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء لأنه نوى التخصيص ولان الظاهر أن مقصوده أن لا يفارقها ويحتمل أن يكون مقصوده أن لا يتكلم بطلاقها ولكن القاضي مأمور باتباع الظاهر والله تعالى مطلع على ما في ضميره ولهذا لو خلعها وقال أنت بائن حنث لان ما منع نفسه منه وقصده بيمينه قد أتى به ولو آلى منها فمضت المدة بانت وحنث في يمينه في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لان الايلاء طلاق مؤجل فعند مضى المدة يقع الطلاق ويكون مضافا إلى الزوج وعند زفر رحمه الله تعالى لا يحنث لان الطلاق إنما وقع حكما باعتبار دفع الضرر عنها فلا يكون شرط الحنث به موجودا وعلى هذا لو كان الزوج عنينا ففرق القاضي بينهما بعد مضى المدة لم يحنث في قول زفر رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى هنا روايتان في إحداهما سوى بين هذا وبين الايلاء لان القاضي نائب عن الزوج في الطلاق شرعا بعد مضي المدة وفي الأخرى فرق بينهما فقال هنا لم يوجد من الزوج معني يصير به مباشرا للطلاق وذلك شرط حنثه والعتق قياس الطلاق لان الحقوق فيه تتعلق بمن وقع له دون من باشره فاما إذا حلف لا يبيع ولا يشتري فأمر غيره ففعل ذلك لم يحنث لان حقوق العقد في البيع والشراء تتعلق بالعاقد والعاقد لغيره بمنزلة العاقد لنفسه فيما يرجع إلى حقوق العقد فلا يصير الحالف بفعل الوكيل عاقدا إلا أن يكون نوي أن لا يأمر غيره فحينئذ قد شدد الامر على نفسه بنيته وكذلك أن كان الحالف ممن لا يباشر البيع والشراء بنفسه لان اليمين تتقيد بما عرف من مقصود الحالف وان حلف لا يتزوج امرأة فأمر غيره فزوجه حنث لان حقوق العقد في النكاح تتعلق بالآمر دون العاقد ولان الوكيل لا يضيف العقد إلى نفسه وإنما يضيف إلى الموكل فكان بمنزلة الرسول وكذلك أن زوجه بغير أمره فأجازه بالقول حنث لان الإجازة في الانتهاء كالاذن في الابتداء وعن محمد رحمه الله تعالى أنه لا يحنث لان في أصل العقد العاقد ليس
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست