المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١١٥
تعالى يقولان هو كذلك ولكن المقصود هو المبالغة في الوصف بعلم ذلك الشئ فكأنه قال أنت أكثر الناس علما بالزنا أو أعلم الناس بالزنا وهكذا لا يكون قذفا موجبا للحد ثم نسبه إلى فعل لا يتحقق ذلك منه لان الزانية هي الموطوءة الممكنة من فعل الزنا والرجل ليس بمحل لذلك فقذفه بهذا اللفظ نظير قذف المجبوب وذلك غير موجب للحد بخلاف ما إذا قال لامرأته يا زاني لأنه نسبها إلى مباشرة فعل الزنا وذلك يتحقق منها بان تستدخل فرج الرجل في فرجها (قال) وإذا ادعي القاذف أن له بينة على تحقيق قوله أجل ما بينه وبين قيام القاضي من مجلسه من غير أن يطلق عنه وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى يستأنى به ويمهل إلى المجلس الثاني ليحضر شهوده لان القذف موجب للحد بشرط عجزه عن إقامة أربعة من الشهداء والعجز لا يتحقق لا بالامهال ألا ترى أن المدعى عليه إذا ادعى دفعا أو طعنا في الشهود يهمل إلى المجلس الثاني ليأتي به فهذا مثله وجه ظاهر الرواية ان سبب وجوب الحد ظهر عند القاضي فلا يكون له أن يؤخر الإقامة لما فيه من الضرر على المقذوف بتأخير دفع العار عنه ولكن إلى آخر المجلس لا يكون تأخير فلا يتضرر بذلك القدر ألا ترى أنه يؤخر إلى أن يحضر الجلاد فلهذا جوزنا له أن يمهله إلى آخر المجلس من غير أن يطلق عنه ولكن يقول له ابعث إلى شهودك وذكر ابن رستم عن محمد رحمهما الله تعالى إذا لم يكن له من يحضر شهوده أطلق عنه وبعث معه بواحد من شرطه ليرده عليه وهذا لان كل واحد لا يجد نائبا والقاضي مأمور بالنظر من كل جانب ولكن لم يعتبر هذا في ظاهر الرواية لأنه إذا لم يحضر الشهود بقي ستر العفة على المقذوف وذلك أولى الوجهين (قال) ولا يقبل منه أقل من أربعة شهود لقوله تعالى ثم لم يأتوا بأربعة شهداء وقال تعالى فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون فان جاء بهم فشهدوا على المقذوف بزنا متقادم درأت الحد عن القاذف استحسانا والقياس ان الشهادة على الزنا بعد التقادم لا تكون مقبولة فوجودها كعدمها إلا أنه استحسن فقال إنما لا تقبل الشهادة على الزنا بعد التقادم لتوهم الضغينة وذلك معتبر في منع وجوب الحد على المشهود عليه لا في اسقاط الحد عن القاذف كما لو أقام أربعة من الفساق على صدق مقالته وان جاء بثلاثة فشهدوا عليه بالزنا وقال القاذف انا رابعهم لم يلتفت إلى كلامه ويقام عليه وعلي الثلاثة الحد لأنه خصم ملتزم للحد فلا يكون شاهدا وبالثلاثة لا تتم الحجة فكانوا قذفة يحدون جميعا (قال) وان شهد رجلان أو رجل وامرأتان على اقرار المقذوف بالزنا يدرأ
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست