المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٢٦
فالحاصل أنه متى كان في آخر كلامه ما يحقق تمكينها منه جعل كلامه بمعنى التمكين وإذا لم يكن فيه احتمال ذلك جعل بمعنى البدل (قال) وان قال لرجل زنيت ببعير أو بناقة أو ما أشبه ذلك لاحد عليه لأنه نسبه إلى اتيان البهيمة فان قال بأمة فعليه الحد فان قال لرجل يا بن الأقطع أو يا بن المقعد أو يا بن الحجام وأبوه ليس كذلك ليس عليه حد لأنه لايراد بمثل هذه اللفظة نفيه عن أبيه وإنما يراد به وصف الأب بهذه الأوصاف كمن يقول لبصير يا أعمى أو يشبه به في الحرفة وكذلك لو قال يا بن الأزرق يا بن الأصفر أو الأسود وأبوه ليس كذلك ألا ترى أنه لو قال يا بن السندي أو يا بن الحبشي لا يكون قاذفا له بهذا فالمقصود تحقيره لا قذفه بهذا اللفظ ولو قال لعربي يا عبد أو يا مولى لاحد عليه لأنه صادق في مقالته فإنه عبد الله وليس بقاذف له بقوله يا مولى قال تعالى واني خفت الموالي من ورائي والمراد الورثة وبنو الأعمام وكذلك لو قال لعربي يا دهقان لاحد عليه وهذا من أعجب المسائل فلفظ الدهقان فينا؟ للمدح والتعظيم وقد ذكره من جملة القذف وهذا لان العرب كانوا يستنكفون من هذا اللفظ ولا يسمون به الا العلوج فلازالة الاشكال ذكره وبين انه ليس بقذف فان الدهقان اسم لمن له ضياع واملاك وذلك يتحقق للعرب والعجم (قال) ولو قال يا بنى لاحد عليه لان هذا اللفظ يذكر على وجه اللطف دون القذف فهو كقوله يا أخي وكذلك لو قال لرجل أنت عبدي أو مولاي فهذا دعوى الرق والولاء عليه فليس من القذف في شئ وان قال يا يهودي يا نصراني أو يا مجوسي أو يا بن اليهودي لاحد عليه لان القذف بالكفر ليس في معني القذف فإنه لا يشين المقذوف إذا كان اسلامه معلوما ولكنه يعزر لان نسبة المسلم إلى الكفر حرام وبارتكاب المحرم يستوجب التعزير (قال) وان قال يا زاني وأدخل فيه الهمزة وقال عنيت أنه يصعد على الجبل أو على شئ فعليه الحد ونيته باطلة لان أصل الكلمة لغة بالهمزة فذكر الهمزة يقرره ولا يخرجه من أن يكون قذفا (قال) وان قال زنأت في الجبل وقال عنيت الصعود فيه عليه الحد في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله ولا حد عليه في قول محمد فمحمد رحمه الله يقول أهل اللغة يستعملون هذا اللفظ مهموزا عند ذكر الجبل؟ ويريدون؟ به الصعود قال القائل * وارق إلى الخيرات زنا في الجبل * وأكثر ما فيه أن تكون الكلمة مشتركه والحد لا يجب بمثله ولكنا نقول مطلق اللفظ؟ محمول على ما يتفاهمه الناس في مخاطباتهم والعامة
(١٢٦)
مفاتيح البحث: الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست