كان بطريق القيام مقامه وذلك لا يكون في الحدود (قال) ولو وكل الغائب من يطلب بحده صح التوكيل في قول أبي حنيفة ومحمد وهو قول أبى يوسف الأول رحمهم الله تعالى ثم رجع وقال لا أقبل الوكالة في حد ولا قصاص لان خصومة الوكيل تقوم مقام الموكل وشرط الحد لا يثبت بمثله ولان بالاجماع لا يصح التوكيل باستيفاء الحد والقصاص لأنها عقوبة تندرئ بالشبهات فكذلك في الاثبات كما في الحدود التي هي حق لله تعالى وهما يقولان الاثبات من جملة ما إذا وقع الغلط فيه أمكن التدارك فيه وتلافيه والتوكيل في مثله صحيح كالأموال بخلاف الاستيفاء فإنه إذا وقع فيه الغلط لا يمكن تداركه ولو استوفاه الوكيل في حال غيبة الموكل كان استيفاؤه مع تمكن الشبهة لجواز أن من له القصاص قد عفي وان المقذوف قد صدق القاذف أو أكذب شهوده وهذا لا يستوفى بحضرة الوكيل حال غيبة الموكل (قال) فان مات المقذوف بعد ما ضرب القاذف بعض الحد فإنه لا يقام عليه ما بقي اعتبارا للبعض بالكل وكذلك أن غاب بعد ما ضرب بعض الحد لم يتم الا وهو حاضر ألا ترى أنه لو عمى الشهود أو فسقوا بعدما ضرب بعض الحد درئ عنه ما بقي (قال) والقذف بأي لسان كان بالفارسية أو العربية أو النبطية يوجب الحد بعد أن يكون بصريح الزنا لان المقصود دفع الشين وذلك لا يختلف باختلاف الألسن رجل فان لرجل يا زانية لاحد عليه في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى استحسانا وفى القياس عليه الحد وهو قول محمد رحمه الله تعالى ورواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى ولو قال لامرأة يا زاني فعليه الحد بالاتفاق لوجهين أحدهما أن الايجاز والترخيم معروف في لسان العرب قال القائل * أصاح تري برقا أريك وميضه * معناه يا صاحب وقرئ ونادوا يا مال أي مالك وهذا أيضا حذف آخر الكلام للترخيم فلا يخرج به من أن يكون قذفا لها ألا ترى إلى قول امرئ القيس أفاطم مهلا أي يا فاطمة ولان الأصل في الكلام التذكير وإلحاق هاء التأنيث للفصل والفصل هنا حاصل بالإشارة حاصل بالإشارة فلا يخرج باسقاط حرف التأنيث من أن يكون قذفا لها واستدل في الأصل بقوله تعالى إذا جاءك المؤمنات وقال نسوة في المدينة فأما إذا قال يا زانية فمحمد رحمه الله تعالى يقول صرح بنسبته إلى الزنا وزاد حرف الهاء فتلغو الزيادة ويبقى قاذفا له ملتزما للحد ولان في لسان العرب إلحاق هاء التأنيث بآخر الكلام للمبالغة في الوصف فإنهم يقولون نسابة وعلامة ورواية للشعر وأبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله
(١١٤)