المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١١٩
منهم لم يحدوا حد منهم لأنه ارتكب السبب وهو ليس تحت ولاية الامام وقد بينا ان ولاية الاستيفاء إنما تثبت؟ للامام إذا ارتكب السبب وهو تحت ولايته وبدون المستوفى لا يجب الحد (قال) ولو دخل حربي دارنا بأمان فقذف مسلما لم يحد في قول أبي حنيفة رحمه الله الأول لان المغلب في هذا الحد حق الله تعالى ولأنه ليس للامام عليه ولاية الاستيفاء حين لم يلتزم شيئا من أحكام الاسلام بدخوله دارنا بأمان ويحد في قوله الآخر وهو قولهما فان في هذا الحد معنى حق العبد وهو ملتزم حقوق العباد ولأنه بقذف المسلم يستخف به وما أعطى الأمان على أن يستخف بالمسلمين ولهذا يجبر على بيع العبد المسلم فكذلك يحد بقذف المسلم (قال) وكل شئ أو جبنا فيه الحد على الأجنبي فإنه إذا قال ذلك لامرأته وهما حران مسلمان فعليهما اللعان لان اللعان موجب قذف الزوج زوجته بالنص وقد بيناه في باب اللعان (قال) وان قال لامرأته زنيت قبل أن أتزوجك لاعنها لأنه قاذف لها في الحال بخلاف ما لو قال كنت قذفتك بالزنا قبل أن أتزوجك فإنه يحد لأنه ما صار قاذفا لها بكلامه بعد النكاح وإنما ظهر بكلامه قذف كان قبل النكاح فكأنه ظهر ذلك بالبينة فعليه الحد (قال) وان قال لأجنبية يا زانية فقالت زنيت بك لاحد على الرجل لها وتحد المرأة للرجل لأنها صدقته بقولها زنيت فصارت قاذفة للرجل بقولها زنيت بك فعليها الحد له (قال) ولو قال ذلك لامرأته فقالت زنيت بك فلا لعان ولا حد لأنها صدقته فسقط اللعان بتصديقها ولم تصر قاذفة له لان فعل المرأة بزوجها لا يكون زنا (قال) ولو قالت المرأة لزوجها مبتدئة زنيت بك ثم قذفها الزوج بعد ذلك لم يكن عليه حد ولا لعان لوجود الاقرار منها بقوله زنيت (قال) رجل قال لآخر يا فاسق يا خبيث أو يا فاجر أو يا بن الفاجر أو يا بن القحبة فلا حد عليه لأنه ما نسبه ولا أمه إلى صريح الزنا فالفجور قد يكون بالزنا وغير الزنا والقحبة من يكون منها ذلك الفعل فلا يكون هذا قذفا بصريح الزنا فلو أوجبنا به الحد إنما يوجب بالقياس ولا مدخل للقياس في الحد ولو قال يا آكل الربا أو يا خائن أو يا شارب الخمر لاحد عليه في شئ من ذلك ولكنه عليه التعزير لأنه ارتكب حراما وليس فيه حد مقدر ولأنه ألحقه نوع شين بما نسبه إليه فيجب التعزير لدفع ذلك الشين عنه ولو قال يا حمار أو يا ثور أو يا خنزير لم يعزر في شئ من ذلك لان من عادة العرب اطلاق هذه الألفاظ بمعنى البلادة أو الحرص ولا يريدون به الشتيمة ألا ترى أنهم يسمون به فيقال عياض بن حمار وسفيان الثوري ولان
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست