ما هو فيه من العمل لا يبطل الصلاة وحكمنا على أنه باق على إحرامه الأول، فإن كان قد صلى ركعة ثم ابتدأ بعد غسل الدم أربعا صار كمن صلى خمسا جاهلا، قال ح: والمشهور أن الرفض مبطل فيكفي في الخروج من الصلاة رفضها وإبطالها، فمحل كونه إذا خرج لغسل الدم ولم يأت بسلام ولا كلام ثم رجع وابتدأها فإنه يعيدها ما لم ينو رفضها حين الخروج منها وإلا فلا إعادة. قوله: (وندب البناء) هذه الجملة مستأنفة جوابا عن سؤال مقدر وحاصله أي الامرين أرجح، وما ذكره المصنف من ندب البناء هو ما عليه جمهور أصحاب الإمام. والحاصل أن الدم إذا كان سائلا أو قاطرا ولم يلطخه ولم يمكنه فتله فإنه يخير بين البناء والقطع، واختار ابن القاسم القطع فقال: هو أولى وهو القياس لان شأن الصلاة اتصال عملها من غير تخلل بشغل ولا انصراف عن محلها، قال زروق: وهو أي القطع أولى بمن لا يحسن التصرف في العلم لجهله، واختار جمهور الأصحاب البناء للعمل وقيل هما سيان، وذكر ابن حبيب ما يفيد وجوب البناء وأن الامام إذا استخلف بالكلام تبطل صلاة المأمومين. قوله: (إن لم يخش خروج الوقت) أي بقطع الصلاة وابتدائها من أولها بعد غسل الدم وكان الأولى حذف هذا الشرط لان الموضوع كما علمت عدم ظنه دوام الدم لآخر الوقت قوله: (فيخرج) أي من هيئته الأولى أو من مكانه إن احتاج لذلك ولو كان متيمما لان ما يحصل منه ملحق بأحكام الصلاة فلا تبطل الموالاة، ولهذا لا يكبر إحراما إذا رجع لتكميل صلاته بعد الغسل، وسبق أن وجود المتيمم الماء في الصلاة لا يبطلها قوله: (ممسك أنفه) هذا إرشاد لأحسن الكيفيات التي تعين على تقليل النجاسة لان كثرتها تمنع من البناء وليس بشرط في البناء بل الشرط التحفظ من النجاسة لو لم يمسكه كما اختاره ح وفاقا لابن عبد السلام وعلى هذا فيكون المسك من أعلى الانف على جهة الأولوية فقط كما في خش وغيره خلافا لما ذكره ابن هارون من أن مسك الانف من أعلاه شرط في البناء وذلك لان داخل الانف حكمه حكم ظاهر الجسد في الأخباث فيجب إزالة الدم عنه، وإذا أمسكه من أسفله أو تركه من غير مسك صار داخل الانف متلوثا بالدم، ورده ابن عبد السلام بأن المحل محل ضرورة فيناسبه التخفيف والعفو عن باطن الانف فمسك الانف إنما طلب للتحفظ من النجاسة لا لخصوصه لان المدار على التحفظ من النجاسة سواء أمسكه أو لم يمسكه تأمل. قوله: (لئلا يبقى فيه) أي في الانف الدم إن أمسكه من أسفله فيصير في حال خروجه حاملا للنجاسة وإن كان معفوا عنها على ما تقدم بخلاف ما إذا أمسكه من أعلاه فإنه يحبس الدم من أصله عن النزول قوله: (ليغسل الدم) أي لا يخرج إلا لغسل الدم فإن اشتغل بغيره بعد خروجه بطلت صلاته قوله: (ويبني) أي بعد غسل الدم على ما تقدم له من الصلاة قوله: (إن لم يجاوز أقرب مكان) فإن جاوز الأقرب مع الامكان إلى أبعد منه فظاهر كلامهم بطلانها ولو كانت المجاوزة بمثل ما يغتفر لسترة أو فرجة وذلك لكثرة المنافيات، ولكن قال ح: ينبغي الجزم باغتفار المجاوزة بمثل الخطوتين والثلاث، ويجب عليه شراء الماء إذا وجده يباع في أقرب مكان بالمعاطاة بثمن معتاد غير محتاج إليه لأنه من يسير الأفعال ولا يتركه للبعيد، وقد نص بعضهم على جواز البيع والشراء في الصلاة بالإشارة الخفيفة لغير ضرورة فكيف بذلك هنا؟ فإن لم يمكن شراؤه بالإشارة فبالكلام ولا يضر ذلك لأنه كلام لاصلاحها انظر عبق قوله: (فإن لم يمكن) أي فإن لم يكن الأقرب يمكن الغسل منه بأن كان لا يمكن الوصول إليه أو كان ولكن لا ماء فيه (قوله لا إن بعد في نفسه) أي تفاحش بعده كما في عباراتهم فمطلق البعد لا يمنع من البناء ولا يمنع منه إلا المتفاحش وحينئذ فيراد بالقرب ما عدا البعد المتفاحش قاله شيخنا. قوله: (وإن لم يستدبر قبلة بلا عذر) أي بأن لم يستدبر أصلا أو استدبر عمدا لعذر ككون الماء جهة الاستدبار، فإن استدبر
(٢٠٤)