لذكرها عنده فنقول: الذي ينقله أكثر أهل المذهب أن المحرم بحج إذا فرغ من طواف القدوم والسعي فهو مطلوب بكثرة الطواف كما تقدم في كلام صاحب المدخل. وقال ابن الحاج في مناسكه: ثم يعود إلى التنبيه بعد فراغه من السعي بين الصفا والمروة يبقى على حاله من إحرامه متصرفا في حوائجه مجتنبا لما أمر به في إحرامه، وليكثر من الطواف في الليل والنهار بلا رمل ولا سعي بين الصفا والمروة ويصلي لكل أسبوع ركعتين خلف المقام فإنه يستحب كثرة الطواف مع كثرة الذكر انتهى. وقال أيضا في مختصر الواضحة في ترجمة العمل في الطواف:
فإذا فرغت من السعي بين الصفا والمروة فارجع إلى المسجد الحرام وأكثر من الطواف ما كنت مقيما بمكة، ومن الصلاة في المسجد الحرام الفريضة والنافلة انتهى. وهذا صريح في استحباب كثرة طواف له وهو المعروف من المذهب، وهو أيضا ظاهر في كلام المصنف في مناسكه لقوله في آخر فصل السعي، ثم تعاود التلبية بعد السعي كما تقدم ولتكثر من الطواف في مقامك الخ والله أعلم. ص: (وركوب) ش: يعني أن الركوب في الحج على الإبل والدواب لمن قدر عليه أفضل من المشي لأنه فعله (ص) ولأنه أقرب إلى الشكر. قال في النوادر قال مالك: الحج على الإبل والدواب أحب إلي من المشي لمن يجد ما يتحمل به انتهى. وقال القرطبي: لا خلاف في جواز الركوب والمشي، واختلف في الأفضل منهما. فذهب مالك والشافعي في آخرين إلى أن الركوب أفضل، وذهب غيرهم إلى أن المشي أفضل. ولا خلاف أن الركوب في الموقف بعرفة أفضل، واختلفوا في الطواف والسعي فالركوب عند مالك في المناسك كلها أفضل للاقتداء بالنبي (ص) انتهى. وكلامه الأخير يوهم أن الركوب عند مالك في الطواف والسعي أفضل وليس كذلك، بل المشي فيهما عنده من السنن المؤكدة ومن واجبات الحج الذي يجب بتركه دم والله أعلم. وقال المؤلف في مناسكه: والركوب لمن قدر عليه أفضل على المعروف لأنه فعله (ص) ولأنه أقرب إلى الشكر انتهى.
تنبيهات: الأول: ظاهر إطلاقات أصحابنا أن الركوب أفضل ولو كان الحج من مكة وهو صريح كلام القرطبي من تفسيره المتقدم ذكره.
الثاني: ما ذكرناه من ركوبه (ص) هو المعروف ولا يلتفت إلى تصحيح الحاكم حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه (ص) حج هو وأصحابه مشاة من المدينة إلى مكة لان المعروف أنه (ص) لم يحج بيت الله الحرام بعد الهجرة إلا حجة الوداع وكان (ص) راكبا فيها بلا شك قاله ابن جماعة.
الثالث: اختار اللخمي وصاحب الطراز تفضيل المشي على الركوب للآثار الواردة في