مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٢٤
يفرغ من دفن الميت: اللهم إن هذا عبدك نزل بك وأنت خير منزول به فاغفر له ووسع مدخله انتهى. وقد كان سيدي أبو حامد بن البقال وكان من كبار العلماء والصلحاء إذا حضر جنازة عزى وليها بعد الدفن وانصرف مع من ينصرف فيتوارى هنيهة حتى ينصرف الناس ثم يأتي إلى القبر فيذكر الميت بما يجاوب به الملكين عليهما السلام. ويكون التلقين بصوت فوق السر دون الجهر ويقول: يا فلان لا تنس ما كنت عليه في دار الدنيا من شهادة لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فإذا جاءك الملكان عليهما السلام وسألاك فقل لهما: والله ربي ومحمد نبي والقرآن إمامي والكعبة قبلتي. وما زاد على ذلك أو نقص فخفيف، وما يفعله كثير من الناس في هذا الزمان من التلقين برفع الأصوات والزعقات بحضور الناس قبل انصرافهم فليس من السنة في شئ بل هو بدعة، وكذلك لو فعلوه بعد انصراف الناس على هذه الصفة فهو بدعة أيضا. انتهى كلام صاحب المدخل. واستحب التلقين بعد الدفن أيضا القرطبي والثعالبي وغيرهما. ويظهر من كلام الآبي في أول كتاب الجنائز وفي حديث عمرو بن العاصي في كتاب الايمان ميل إليه. ص: (وتغميضه) ش: لحديث أبي داود: دخل رسول الله (ص) على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه، وقوله بعد هذا إذا قضى هو قيد في التغميض والشد. قال أبو داود: قال أبو ميسرة: وكان رجلا عابدا غمضت جعفر المعلم وكان رجلا عابدا في حالة الموت فرأيته في منامي ليلة يقول: أعظم ما كان علي تغميضك لي قبل أن أموت أو قبل الموت.
قال في الطراز: فإذا قضى فأول ما يبدأ بتغميضه. قال ابن حبيب: ينبغي أن يلقن لا إله إلا الله ويغمض بصره إذا قضى ويقال عنده سلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين لمثل هذا فليعمل العاملون وعد غير مكذوب. ويقال عند إغماضه: بسم الله وعلى ملة رسول الله، اللهم يسر عليه أمره وسهل عليه موته وأسعده بلقائك واجعل ما خرج إليه خيرا مما خرج عنه انتهى.
وانظر قول الشيخ بهرام، وفي كلام أبي محمد ما يدل على أن التغميض يكون قبل الموت لقوله ويقول حينئذ اللهم يسر عليه أمره وسهل عليه موته ولا يقال ذلك إذا قضى مع كلام سند.
وما ذكره عن ابن حبيب فإنه ذكر الدعاء الذي قاله الشارح وصرح بأنه يقوله عند إغماضه، وصرح بأن التغميض إنما يكون بعد الموت فيحمل ذلك على الدعاء بالتسهيل بما بعد ذلك.
فعلى هذا فقوله: إذا قضى راجع إلى قوله وتغميضه وشد لحييه فهو قيد فيهما لأنه إنما يغمض إذا انقطع نفسه وانحدر بصره وانفرجت شفتاه ولم تنطبقا وسقطت قدماه ولم تنتصبا فعند هؤلاء الأربع علامات يغمض الميت لا قبل ذلك. قاله الشيخ يوسف بن عمر في شرح الرسالة. وفي التوضيح: ويستحب إذا قضى لا قبل ذلك انتهى.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست