مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ١٣١
تنبيهات: الأول: قوله إن الزكاة تجب في الحب بالإفراك يخالف قوله إن الزكاة تجب بالطيب المبيح للبيع لأن الطيب المبيح للبيع هو اليبس. وقد وقع هذا الاختلاف في كلام ابن رشد فقال في أول سماع ابن القاسم من كتاب زكاة الحبوب: إذا أفرك الزرع واستغنى عن المساء فقد وجبت فيه الزكاة على صاحبه، وكذلك الثمرة إذا أزهت. وقال بعد ذلك في رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى: أما ما أكل من حائطه بلحا أو من زرعه قبل أن يفرك فلا اختلاف في أنه لا يحسبه لأن الزكاة لم تجب عليه بعد إذ لا تجب الزكاة في الزرع حتى يفرك ولا في الحائط حتى يزهي: واختلف فيما أكل من ذلك أخضر بعد وجوب الزكاة فيه بالإزهاء في الثمار أو بالإفراك في الحبوب على ثلاثة أقوال: أحدها قول مالك أنه يجب عليه أن يحصي ذلك كله ويخرج زكاته. والثاني أنه لا تجب عليه زكاته وهو قول الليث ومذهب الشافعي لقوله تعالى * (كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده) * والثالث تجب عليه في الحبوب ولا تجب عليه في الثمار لقول رسول الله (ص) إذا خرصتم فخذوا وأودعوا فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع (1) وهو قول ابن حبيب أن الخارص يترك لأهل الحوائط قدر ما يأكلون ويعطون. وقد روي مثل ذلك عن مالك. وهذا إنما يصح على القول بأن الزكاة لا تجب في الثمار إلا بالجذاذ وهو قول محمد بن مسلمة. وفائدة الخرص على هذا مخافة أن يكتم منها شيئا بعد اليبس أو الجذاذ، فإن خشي مثل ذلك في الزرع فقال ابن عبد الحكم، يوكل الامام من يتحفظ بذلك. وقيل: إنه يخرص إن وجد من يحسن خرصه وهو أحسن. والمغيرة يرى الزكاة تجب في الثمار بالخرص. ففي حد وجوب الزكاة في الثمار ثلاثة أقوال: المشهور في المذهب أنها تجب بالطيب. والثاني تجب بالجذاذ. والثالث تجب بالخرص.
فإن مات صاحب الثمرة قبل أن يخرص خرصت على الورثة إن كان في حظ كل واحد منهم ما تجب فيه الزكاة انتهى. وقال بعد ذلك: وأما بيع الحب إذا أفرك على أن يترك حتى ييبس فلا اختلاف في المذهب أن ذلك لا يجوز ابتداء، وإنما يختلف الحكم فيه إذا وقع، فقيل:
إن العقد فيه فوت. وقيل: القبض. وقيل: لا يفوت بالقبض حتى يفوت بعده. وقال في الرواية في سماع يحيى: إن علم به قبل أن ييبس فسخ، وإن لم يعلم به إلا بعد أن ييبس مضى.
واختلف العلماء في وقت بيع الزرع فقال بعضهم: إذا أفرك. وقال بعضهم: حتى ييبس. قال ابن القاسم: فأنا أجيز البيع إذا فات باليبس لما جاء فيه من الاختلاف وأرده، إذا علم به قبل اليبس. قال ابن رشد: فهذه أربعة أقوال. وهذا إذا اشتراه على أن يتركه حتى ييبس أو كان ذلك العرف: وأما إن لم يشترط تركه ولا كان العرف فيه ذلك فالبيع فيه جائز، وإن تركه
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست