إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٩٤
إطعامها لكافر، أي وصبي غير مميز، كما لا يجوز إطعامها للمسلم وللصبي المميز. ولو قال لآدمي ولو كافرا لكان أولى.
(قوله: ومتنجس لدابة) أي ويجوز إطعام طعام متنجس ولو بمغلظ لدابة. ولو جمع بين هذا وما قبله وقال:
وله إطعام ميتة ومتنجس لدابة لكان أخصر وأولى، لايهام عبارته أن نحو الطير ليس من الدواب، وليس كذلك، ويدل له قوله تعالى: * (والله خلق كل دابة من ماء) * قال المفسرون:
الدابة كل ما دب على الأرض من الحيوان، وكما يجوز إطعام الدواب ذلك يجوز إسقاؤها الماء المتنجس. (قوله: ويحل مع الكراهة استعمال العاج) عبارة الروض وشرحه: ولو كان النجس مشط عاج جافا فإنه يحرم استعماله. والتصريح بهذا من زيادته على الروض أخذه من كلام الرافعي في الكلام على وصل الشعر، ومن كلام الأسنوي هنا، فإنه رد به قول النووي في مجموعه المشهور للأصحاب أن استعمال العاج في الرأس واللحية حيث لا رطوبة يكره، ولا يحرم، فقال:
وما قاله غريب ووهم عجيب، فإن هذا التفصيل إنما ذكره الأصحاب في وضع الشئ في الاناء منه - أي العاج - فالتبس عليه ذلك بالاستعمال في البدن. اه‍. وما قال هو الغريب، والوهم العجيب، فقد نص على التفصيل المذكور في المشط والاناء: الشافعي في البويطي، وجزم به جمع منهم القاضي أبو الطيب، والشيخ أبو علي الطبري، والماوردي ، وكأنهم استثنوا العاج لشدة جفافه مع ظهور رونقه. اه‍. قال ع ش: وينبغي جواز حمله لقصد استعماله عند الاحتياج إليه، ومعلوم أن محل ذلك في غير الصلاة ونحوها، أما فيهما فلا يجوز، لوجوب اجتناب النجاسة فيهما في الثوب والبدن والمكان. اه‍. وفي المصباح: والعاج أنياب الفيل، قال الليث: ولا يسمى غير الناب عاجا، والعاج ظهر السلحفاة البحرية. وعليه يحمل أنه كان لفاطمة - رضي الله عنها - سوار من عاج. ولا يجوز حمله على أنياب الفيلة، لان أنيابها ميتة، بخلاف السلحفاة. والحديث حجة لمن يقول بالطهارة. اه‍. (قوله: في الرأس واللحية) يفيد أنه لو استعمله في غيرهما من بقية البدن حرم. (قوله: حيث لا رطوبة) ظرف متعلق بيحل، أي يحل ذلك حيث لا رطوبة موجودة، أي في الرأس واللحية أو في العاج. فإن وجدت الرطوبة حرم، لتلطخ الرأس واللحية حينئذ بالنجاسة، وهو حرام. (قوله:
وإسراج بمتنجس) معطوف على استعمال العاج، أي ويحل مع الكراهة إسراج بمتنجس، لأنه (ص) سئل عن الفأرة تقع في السمن الذائب، فقال: استصبحوا به أو قال: انتفعوا به. رواه الطحاوي ووثق رواته. وحينئذ يجوز إصلاح الفتيلة بإصبعه، ويعفى عما أصابه منه لقتله. (قوله: بغير مغلظ) متعلق بمتنجس، أي بدهن متنجس بنجاسة غير مغلظة، وهي نجاسة الكلب والخنزير. فإن كان متنجسا به لا يحل الاسراج به لغلظ نجاسته، ويحل الاسراج أيضا بدهن نجس، كدهن الميتة - غير دهن الكلب والخنزير - أما هو فلا يحل لغلظه. (قوله: إلا في مسجد) أي إلا الاسراج به في مسجد، فإنه يحرم مطلقا، انفصل منه دخان مؤثر في نحو حيطانه ولو قليلا أم لا، لحرمة إدخال النجاسة فيه لشرفه. نعم، إن لم يوجد ما يوقد به غيره، واضطر إليه. اتجه جوازه للضرورة بشرط من تلويث المسجد به. ومثل المسجد الموقوف، فيحرم الاسراج فيه بالنجس، بشرط تلويثه به، فإن لم يحصل منه تلويث جاز، وأما ملك الغير، كالدار المستأجرة والمعارة، إن أدى الاسراج به إلى تنجس شئ منه بما لا يعفى عنه، أو بما ينقص قيمته أو أجرته بأن طال زمنه بحيث يعلق الدخان بالسقف أو الجدران حرم، وإلا فلا يحرم. ويجوز تنجيسه بما جرت العادة به كتربية الدجاج، والحمام، ونحو ذلك، وكذا الموقوف. (قوله: وإن قل دخانه) غاية في حرمة الاسراج بالمتنجس في المسجد. (قوله: خلافا لجمع) أي قالوا بعدم حرمة الاسراج به في المسجد، وعللوا ذلك بقلة الدخان. (قوله: وتسميد أرض) بالرفع. معطوف على استعمال العاج أيضا، أي ويحل مع الكراهة تسميد أرض، أي جعل سماد أي سرجين بها، للحاجة إليه. (وقوله: بنجس) متعلق بتسميد، ولا حاجة إليه، لأنه مستفاد من لفظ تسميد، هكذا في شرح الروض والفتح. ثم رأيت في المصباح: أن السماد ما يصلح به الزرع من تراب وسرجين، وعليه: فيكون قوله بنجس قيدا لاخراج التراب، فإنه لا كراهة فيه. وعبارته:
السماد، وزان سلام، ما يصلح به الزرع من تراب وسرجين. وسمدت الأرض تسميدا: أصلحتها بالسماد. اه‍. (قوله:
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست