إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٩٣
مفعول ليجد، وهو يطلب مفعولا واحدا، لأنه من وجد بمعنى أصاب. (وقوله: غيره) أي الحرير، وهو بدل من ساتر.
(وقوله: حتى في الخلوة) غاية لوجوب اللبس. (قوله: إلا المزعفر) أي المصبوغ بالزعفران فيحرم، لان حكمه حكم الحرير، حتى لو صبغ به أكثرالثوب حرم. قال الكردي: وفي الامداد: والأقرب تحريم ما زاد على أربع أصابع. قال: نعم، إن صبغ السدي أو اللحمة بنحو زعفران اتجه أن يأتي فيه تفصيل المركب السابق في الحرير. وفي النهاية: الأوجه أن المرجع في ذلك العرف، فإن صح إطلاق المزعفر عليه حرم، وإلا فلا. اه‍. ومثل المزعفر في الحرمة: المعصفر، للأخبار الدالة على ذلك، ولأنه من زي النساء. قال في شرح الروض: وقول الشافعي يحرم على الرجل المزعفر دون المعصفر. قال البيهقي فيه:
الصواب تحريم المعصفر عليه أيضا، للأخبار الصحيحة التي لو بلغت الشافعي لقال بها، وقد أوصى بالعمل بالحديث الصحيح. ذكر ذلك في الروضة وغيرها. اه‍. وفي التحفة: قال الزركشي عن البيهقي: وللشافعي نص بحرمته، فيحمل على ما بعد النسج، والأول على ما قبله، وبه تجتمع الأحاديث الدالة على حله، والدالة على حرمته، ويرد بمخالفته لاطلاقهم الصريح في الحرمة مطلقا، وله وجه وجيه، وهو أن المصبوغ بالعصفر من لباس النساء المخصوص بهن فحرم للتشبه بهن، كما أن المزعفر كذلك، وإنما جرى الخلاف في المعصفر دون المزعفر، لان الخيلاء والتشبه فيه أكثر منهما في المعصفر. واختلف في الورس، فألحقه جمع متقدمون بالزعفران، واعترض بأن قضية كلام الأكثرين حله. اه‍.
(قوله: ولبس الثوب المتنجس) معطوف على لبس الثوب المصبوغ، أي ويجوز لبس الثوب المتنجس، أي ولو بغير معفو عنه، لان تكليف استدامة طهارة الملبوس مما يشق، خصوصا على الفقير، وبالليل، لان نجاسته عارضة سهلة الإزالة.
ومع حل لبسه يحرم المكث به في المسجد من غير حاجة إليه - كما بحثه الأذرعي - لأنه يجب تنزيه المسجد عن النجس. قال في النهاية: ويستثنى من ذلك - أي من حل لبسه - ما لو كان الوقت صائفا بحيث يعرق فيتنجس بدنه ويحتاج إلى غسله للصلاة مع تعذر الماء. اه‍. وقوله: مع تعذر الماء. قال سم: الفرق بين ما أفهمه من الجواز حيث لم يتعذر الماء والمنع، إذا كان بدنه مترطبا بغير العرق شدة الابتلاء بالعرق. اه‍. (قوله: في غير نحو الصلاة) متعلق بيجوز المقدر. أي يجوز لبس ذلك في غير نحو الصلاة كالطواف والخطبة، أما لبسه في نحو ذلك فيحرم. وهذا إن كانت الصلاة مفروضة، ومثلها الطواف، ولبسه بعد الشروع فيه. فإن كان ما ذكر نفلا فلا يحرم لجواز قطعه، أو لبسه قبل الشروع فيه سواء كان فرضا أو نفلا واستمر فيه فلا حرمه من جهة لبسه، وإنما الحرمة من جهة تلبسه بعبادة فاسدة، أو استمراره فيها. أفاده في النهاية. (قوله: حيث لا رطوبة) قيد في الجواز، أي يجوز حيث لم توجد رطوبة، أي في الثوب أو البدن، فإن وجدت حرم لحرمة التلطيخ بالنجاسة. (قوله: لا جلد ميتة) بالجر معطوف على الثوب المتنجس، أي لا يجوز لبس جلد ميتة، سواء كانت ميتة كلب، أو خنزير، أو غير ذلك. وعبارة التحفة مع الأصل: لا جلد كلب وخنزير.
وفرع أحدهما فلا يحل لبسه لغلظ نجاسته إلا لضرورة كفجأة قتال، أو خوف نحو برد ولم يجد غيره، نظير ما مر في الحرير. وخرج بلبسه استعماله في غيره، كافتراشه، فيحل قطعا - كما في الأنوار - وإن قال الزركشي المذهب المنصوص أنه لا ينتفع بشئ منهما. وكذا جلد الميتة غيرهما فيحرم لبسه في حال الاختيار - في الأصح - لنجاسة عينه، مع ما عليه من التعبد باجتناب النجس لإقامة العبادة. اه‍. (وقوله: بلا ضرورة) متعلق بيجوز المقدر، واحترز به عما إذا وجدت ضرورة، كخوف على نحو عضو من نحو شدة برد، وكفجأة حرب ولم يجد ما يقوم مقامه، فيجوز لبسه وإلباسه، كأكل الميتة للمضطر. (قوله: كافتراش جلد سبع) الكاف للتنظير في عدم الجواز، لكن قيده في التحفة بما إذا كان به شعر. وعبارتها: ويحرم نحو جلوس على جلد سبع كنمر وفهد به شعر، وإن جعل إلى الأرض - على الأوجه - لأنه من شأن المتكبرين. اه‍. ويؤخذ من العلة أن الحرمة لا من جهة النجاسة، فلا ينافي حينئذ ما مر عنه قريبا من أن افتراش جلد الكلب والخنزير لا يحرم. (قوله: وله إطعام ميتة) أي يجوز للشخص إطعام ميتة. (وقوله: لنحو طير) أي من كل حيوان طاهر أو نجس، ككلب، وخنزير. (قوله: لا كافر) أي لا يجوز
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست