قال سم: بقي ما لو كان يوم الجمعة يوم عيد، فهل يراعى الجمعة فيقدم الأبيض، أو العيد فالاغلى، أو يراعي الجمعة وقت إقامتها فيقدم الأبيض حينئذ، والعيد في بقية اليوم فيقدم الاغلى فيها؟ لكن قد يشكل على هذا الآخر أن قضية قوله في كل زمن أنه إن روعيت الجمعة روعيت في جميع اليوم، وقد يرجح مراعاة العيد مطلقا أن الزينة فيه آكد منها في الجمعة، ولهذا سن الغسل وغيره فيه لكل أحد وإن لم يحضر. فليتأمل. اه.
(فائدة) قال في شرح الروض: وينبغي طي الثياب، فقد روى الطبراني بأسانيد ضعاف خبر: أطووا ثيابكم ترجع إليها أرواحها فإن الشيطان إذا وجد الثوب مطويا لم يلبسه، وإذا وجده منشورا لبسه. وخبر: إذا طويتم ثيابكم فاذكروا اسم الله لا يلبسها الجن بالليل وأنتم بالنهار فتبلى سريعا. اه.
(قوله: ويلي الأبيض) أي في الفضيلة. (وقوله: ما صبغ قبل نسجه) أي بأن صبغ أول غزله، ثم نسج بعده.
(قوله: قال شيخنا) عبارة التحفة: ويلي الأبيض ما صبغ قبل نسجه، ويكره ما صبغ بعده، لأنه (ص) لم يلبسه. كذا ذكره جمع متقدمون، واعتمده المتأخرون. وفيه نظر. فإن إطلاق الصحابة للبسه (ص) المصبوغ على اختلاف ألوانه يدل على أنه لا فرق، وفي حديث - اختلف في ضعفه - أنه (ص) أتي له - بعد غسله - بملحفة مصبوغة بالورس، فالتحف بها. قال راوية قيس بن سعد - رضي الله عنهما -: وكأني أنظر أثر الورس على عكنه. وهذا ظاهر في أنها مصبوغة بعد النسج. بل يأتي قبيل العيد أنه (ص) كان يصبغ ثيابه بالورس، حتى عمامته. وهذا صريح فيما ذكرته. اه. وإذا تأملتها تعلم أن شيخه لم يجزم بالكراهة، بل نقلها عن قوم، وهو لم يرتضها، لأنه نظر فيها، إلا أن يقال أنه جزم بها في غير التحفة، ثم رأيته في الفتح جزم بها. وعبارته: وما صبغ غزله قبل النسج أولى مما صبغ بعده، بل هذا مكروه اه. وعليه: فلا إشكال، إلا أنه يبقى عليه أن ما غيابه وهو ولو بغير الحمرة ليس ثابتا في العبارة المذكورة. (قوله: ويحرم التزين إلخ) أي على الذكر البالغ والخنثى، لقوله (ص): لا تلبسوا الحرير ولا الديباج. وقول حذيفة - رضي الله عنه - نهانا رسول الله (ص) عن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه ويروي أنه (ص) أخذ في يمينه قطعة حرير، وفي شماله قطعة ذهب، وقال: هذان حرام على ذكور أمتي، حل لإناثهم. وحكمة التحريم أنه مع ما فيه من معنى الخيلاء، يورث رفاهية، وزينة، وإبداء زي يليق بالنساء دون شهامة الرجال والتشبه بالنساء حرام كعكسه. قال ع ش: وهو من الكبائر.
(واعلم) أن الفقهاء ترجموا للباس بباب مستقل، ومعظمهم ذكره عقب صلاة شدة الخوف، اقتداء بالشافعي - رضي الله عنه - وبعضهم ذكره عقب الجمعة وبعضهم ذكره في العيد. لكل وجهه، والمؤلف - رحمه الله - اختار ذكره في باب الجمعة، لان المناسبة في ذكره فيه أتم من ذكره في غيره، إلا أنه فاتته الترجمة له ولعله للاختصار.
( قوله: بالحرير) أي باستعماله، ولو بنحو افتراش وتستر وغيرهما، مما يعد استعمالا عرفا، لا مشية عليه، فلا يحرم، لأنه لمفارقته له حالا لا يعد مستعملا له عرفا. ومثله - كما في سم -: ما لو أدخل يده تحت ناموسية مفتوحة مثلا، وأخرج كوزا من داخلها فشرب منه، ثم أدخل يده فوضعه تحتها.
ويحرم لبس ما ظهارته وبطانته غير حرير وفي وسطه حرير - كاللحاف - إلا أن خيطا عليه فلا يحرم لأنه بالخياطة عليه صار كالحشو وحشو الحرير جائز. ويحرم الجلوس تحت سحابة أو خيمة أو ناموسية من حرير، ويحرم على الرجل النوم في ناموسية الحرير، ولو مع المرأة، وكذلك دخوله معها في الثوب الحرير الذي تلبسه، بخلاف ما إذا علا عليها من غير دخول فلا يحرم. ويحرم كتابة الرجل عليه، ولو لصداق امرأة، ونقش عليه، وستر جدار به كما يقع في أيام الزينة والفرح. نعم، إن أكرههم الحاكم على الزينة فلا يحرم لعذرهم، ويحرم التفرج عليها، ويحرم إلباسه للدواب، لأنه لمحض الزينة، بخلاف إلباسه للصبي والمجنون، فيجوز، فإنه لغرض الانتفاع.