إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٨٨
ولو حصلا له لزم أن يكون من غاب ثم رجع، أكمل ممن لم يغب، ولا يقوله أحد، خصوصا إن طالت غيبته، كأن دخل في أول الساعة الأولى، وعاد في آخر الساعة الثانية. اه‍.
(قوله: غسل الجنابة) مفعول مطلق لاغتسال. (قوله: أي كغسلها) أي فهو تشبيه بليغ، ويدل عليه عدوله إليه عن قوله ومن اغتسل من الجنابة. (قوله: وقيل حقيقة) أي أنه اغتسل من الجنابة حقيقة. وحكاه بقيل لضعفه، لاقتضائه تخصيص الثواب بمن جامع، وهو خلاف المقصود. (قوله: بأن يكون جامع) تصوير لكون الغسل من الجنابة حقيقة في الخبر. (قوله: لأنه يسن) أي الجماع. قال في الامداد: لتسكن نفسه. اه‍. وهو تعليل لكونه حقيقة. (وقوله: ليلة الجمعة أو يومها) قال البجيرمي: ظاهره استواؤهما، لكن ظاهر الحديث أنه يومها أفضل. ويوجه بأن القصد منه أصالة:
كف بصره عما يراه فيشتغل قلبه. كما في حجر. اه‍. (قوله: في الساعة الأولى) متعلق بالجائي. (وقوله: بدنة) اسم أن مؤخر. (قوله: وفي الثانية بقرة) أي وأن للجائي في الساعة الثانية بقرة، وهي تطلق على الذكر والأنثى، وتاؤها للوحدة.
(قوله: وفي الثالثة كبشا أقرن) أي وأن للجائي في الساعة الثالثة كبشا أقرن، أي عظيم القرون. (قوله: والرابعة دجاجة) أي وأن للجائي في الساعة الرابعة دجاجة، وهي بتثليث الدال، والفتح أفصح. (قوله: والخامسة عصفورا) أي وأن للجائي في الساعة الخامسة عصفورا. (واعلم) أن المعتبر في أسنان تلك الحيوانات الكمال عرفا. كما في البرماوي.
(قوله: والسادسة بيضة) أي وأن للجائي في الساعة السادسة بيضة. وهذا على ما في بعض الروايات أن الأقسام ستة، وفي بعضها الأقسام خمسة، كرواية: من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة. (قوله: والمراد إلخ) يعني أن المراد بالساعات المذكورة أن ما بين طلوع الفجر وخروج الخطيب ينقسم ستة أجزاء متساوية على ما في بعض الروايات أو خمسة أجزاء على ما في البعض الآخر. ويؤيد ما ذكر الخبر الصحيح، وهو: يوم الجمعة ثنتا عشر ساعة. إذ مقتضاه أن يومها لا يختلف، فلتحمل كل ساعة على مقدار سدس ما بين الفجر والزوال، ومن جاء أول ساعة أو وسطها أو آخرها يشتركون في أصل البدنة مثلا، لكنهم يتفاوتون في كمالها. وهذا هو المعتمد. قال في النهاية وفي أصل الروضة ليس المراد من الساعات الفلكية وهي الأربع والعشرون بل ترتيب درجات السابقين على من يليهم في الفضيلة، لئلا يستوي فيها رجلان جاءآ في طرفي ساعة، ولئلا يختلف في اليوم الشاتي والصائف، إذ لا يبلغ ما بين الفجر والزوال في كثير من أيام الشتاء ست ساعات. فعليه: كل داخل بالنسبة لما بعده كالمقرب بدنة، وإلى من قبله بدرجة كالمقرب بقرة، وبدرجتين كالمقرب كبشا، وبثلاث كالمقرب دجاجة، وبأربع كالمقرب بيضة. لكن قال في شرحي المهذب ومسلم: بل المراد الفلكية، لكن بدنة الأول أكمل من بدنة الأخير، وبدنة المتوسط متوسطة، كما في درجات صلاة الجماعة القليلة والكثيرة. فعليه: المراد بساعات النهار الفلكية اثنتا عشرة ساعة زمانية صيفا أو شتاء، وإن لم تساو الفلكية، فالعبرة بخمس ساعات منها أو ست، وهو المعول عليه، طال الزمان أو قصر. كما أشار إليه القاضي. وهو أحسن من قول الغزالي: اخر الأولى إلى طلوع الشمس، والثانية ارتفاعها، والثالثة انبساطها حتى ترمض الاقدام، والرابعة والخامسة الزوال. اه‍. (قوله: أما الامام) المناسب: أما الخطيب، لأنه محترز قوله لغير خطيب. (وقوله: فيسن له التأخير إلى وقت الخطبة) قال ويسن الذهاب إلخ، أي للخبر الصحيح: من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الامام، واستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها. ومعنى غسل: قيل: جامع حليلته، فألجأها إلى الغسل، وقيل غسل ثيابه وغسل رأسه. ومعنى بكر بالتخفيف: خرج من بيته باكرا. وبالتشديد: أتى الصلاة أول وقتها. ومعنى ابتكر: أدرك أول
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست