(قوله: خشي منه مفطرا) أي خاف من الغسل مفطرا، بأن يسبق الماء إلى جوفه فيفطر به. (وقوله: تركه) أي الغسل، وهو فاعل ينبغي. (قوله: وكذا سائر الأغسال المسنونة) أي وكذلك ينبغي تركها للصائم إذا خشي منها مفطرا. وخرج بالاغسال المسنونة الأغسال الواجبة، فلا يتركها إذا خشي منها ذلك. فلو اغتسل وسبقه الماء إلى جوفه، لا يفطر، بخلافه في الأغسال المسنونة، فإنه يفطر، كما سيصرح به في باب الصوم. (قوله: وقربه من ذهابه إليها أفضل) أي أن قرب الغسل من الذهاب إلى الجمعة أفضل، أي من الغسل بعد طلوع الفجر، وإن كان يحصل به أصل السنة، لأنه أبلغ في المقصود من انتفاء الرائحة الكريهة. (قوله: ولو تعارض الغسل والتبكير) أي إلى الجمعة، بأن كان لو اغتسل فات التبكير، ولو بكر فات الغسل. (قوله: فمراعاة الغسل أولى) أي من التبكير، لكن محله حيث من الفوات، وقيل: إن كان بجسده ريح كريهة اغتسل، وإلا بكر. (قوله: للخلاف في وجوبه) أي الغسل، ولتعدي نفعه للغير، بخلاف التبكير، ولا يبطله حدث ولا جنابة. سم. (قوله: ومن ثم، كره تركه) أي ومن أجل أن في وجوبه خلافا كره تركه، مراعاة له. (قوله:
ومن الأغسال المسنونة إلخ) ذكرها هنا استطرادا، وأفاد التعبير بمن أنه قد بقيت عليه أغسال أخر مسنونة وهي غسل المجنون، والمغمى عليه، إذا أفاقا ولم يتحقق منهما نحو إنزال مما يوجب الغسل، وإلا وجب عليهما. والغسل لدخول الحرم، ولحلق العانة، ولبلوغ الصبي بالسن، وينوي المغتسل في جميعها أسبابها، إلا الغسل من جنون أو إغماء فينوي به رفع الجنابة، لقول الشافعي - رضي الله عنه -: قل من جن أو أغمي عليه إلا وأنزل. فينوي ذلك احتياطا، ويغتفر عدم جزمه بالنية. (وقوله: إلا وأنزل) هو ظاهر في البالغين، فإن كانا صبيين، فنقل عن الرملي أنهما كذلك لاحتمال أنه أولج فيهما، وقيل إنهما ينويان السبب. (قوله: غسل العيدين) أي عيد الفطر، وعيد الأضحى. وهو سنة لكل أحد، سواء أراد الحضور أم لا، وسواء كان حرا أو عبدا، بالغا أو صبيا، وذلك لأنه يراد للزينة. ويدخل وقته بنصف الليل. والأفضل فعله بعد الفجر. ويخرج بالغروب، لأنه للزينة، وهي في اليوم كله، لا للصلاة، وإلا لانتهى بالزوال. (قوله: والكسوفين) معطوف على العيدين، أي وغسل الكسوفين، أي لصلاة الكسوفين: كسوف الشمس، وخسوف القمر. ولا يتقيد بحضور الجماعة، بل إذا صلى منفردا سن له. ويدخل وقته بأول التغير، ويخرج بالانجلاء. (قوله: والاستسقاء) معطوف أيضا على العيدين، أي وغسل الاستسقاء، أي لصلاة الاستسقاء. ولا يتقيد بحضور الجماعة أيضا. ويدخل وقته لمن يريد الصلاة منفردا بإرادة الصلاة ولمن يريدها جماعة باجتماع الناس لها. (قوله: وأغسال الحج) أي ومن الأغسال المسنونة أغسال الحج، وهي الغسل للاحرام، وللوقوف بعرفة، وللوقوف بمزدلفة، ولرمي الجمار الثلاث في أيام التشريق الثلاث. ولا يسن الغسل لرمي جمرة العقبة لقربه من غسل الوقوف بمزدلفة، ولهذا لا يسن لكل جمرة.
(قوله: وغسل غاسل الميت) معطوف أيضا على غسل العيدين، أي ومن الأغسال المسنونة: الغسل لمن غسل ميتا، سواء كان الميت مسلما أم كافرا، وسواء كان الغاسل طاهرا أم لا، كحائض، وذلك لقوله (ص): من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ. رواه الترمذي وحسنه. ومثل الغسل: التيمم، فيسن لمن يممه الغسل، لأنه مس جسدا خاليا عن الروح، فيحصل له ضعف، والماء يقويه. ويدخل وقته بالفراغ من غسل الميت، ويخرج بالاعراض عنه. (قوله:
والغسل للاعتكاف) معطوف أيضا على غسل العيدين، أي من الأغسال المسنونة: الغسل للاعتكاف في المسجد.
(قوله: ولكل ليلة من رمضان) معطوف على الاعتكاف، أي ومن الأغسال المسنونة: الغسل لكل ليلة من رمضان. قال في النهاية: وقيده الأذرعي بمن يحضر الجماعة، والأوجه الاخذ بإطلاقهم اه. قال ع ش: ويدخل وقت الغسل بالغروب، ويخرج بطلوع الفجر. اه. ومن الأغسال المسنونة أيضا: الغسل لكل مجمع من مجامع الخير، كمجالس الوعظ، والذكر، والتعليم، والتعلم. ولا يسن للاجتماع للصلوات الخمس، وإن كان من مجامع الخير، لشدة الحرج