والخواص، وينبغي أن يكثر البكاء مع ذلك، فهناك تسكب العبرات، وتقال العثرات. وأن يستغفر للمؤمنين في دعائه، لقوله (ص): اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج.
وليحسن الظن بالله، فقد نظر الفضيل بن عياض إلى بكاء الناس بعرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا. كان يردهم؟ فقالوا: لا. فقال: والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل بدانق. ورأي سالم مولى ابن عمر سائلا يسأل الناس في عرفة، فقال: يا عاجز، أفي هذا اليوم يسئل غير الله تعالى؟
(قوله: وقد استوعبها) أي الأذكار والأدعية. والأولى استوعبهما بضمير التثنية. (وقوله: في وظائف اليوم والليلة) أي في كتاب جمع فيه رواتب اليوم والليلة. (وقوله: فليطلبه) أي من أراده، والضمير المفعول يعود على الكتاب المذكور. وفي بعض النسخ: فلتطلبه بتاء الخطاب والمخاطب به كل من أمكنه ذلك. (قوله: فائدة: يسن متأكدا زيارة قبر النبي (ص)) لما أنهى الكلام على ما يتعلق بالمناسك من الأركان والواجبات والسنن، شرع يتكلم فيما هو حق مؤكد على كل مسلم خصوصا الحاج وهو زيارة سيدنا رسول الله (ص). ولو أخر ذلك عن محرمات الاحرام كغيره لكان أنسب. واعلم أنهم اختلفوا فيها فجرى كثيرون على أنها سنة متأكدة، وجرى بعضهم على أنها واجبة، وانتصر له بعض العلماء. وقوله: ولو لغير حاج ومعتمر غاية في سن تأكد الزيارة، لكن تتأكد الزيارة لهما تأكدا زائدا، لان الغالب على الحجيج الورود من آفاق بعيدة، فإذا قربوا من المدينة يقبح تركهم الزيارة، ولحديث: من حج ولم يزرني فقد جفاني. وإن كان التقييد فيه غير مراد. (وقوله: لأحاديث وردت في فضلها) أي الزيارة. منها:
قوله (ص): من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي. وقوله (ص): من زار قبري وجبت له شفاعتي. ومفهومه أنها جائزة لغير زائره. وقوله (ص): من جاءني زائرا، لم تنزعه حاجة إلا زيارتي، كان حقا على الله تعالى أن أكون له شفيعا يوم القيامة. وروى البخاري: من صلى علي عند قبري وكل الله بها ملكا يبلغني، وكفي أمر دنياه وآخرته، وكنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة.
من زار قبر محمد * نال الشفاعة في غد بالله كرر ذكره * وحديثه يا منشدي واجعل صلاتك دائما * جهرا عليه تهتدي فهو الرسول المصطفى * ذو الجود والكف الندي وهو المشفع في الورى * من هول يوم الموعد والحوض مخصوص به * في الحشر عذب المورد صلى عليه ربنا * ما لاح نجم الفرقد قال بعضهم: ولزائر قبر النبي (ص) عشر كرامات. إحداهن يعطى أرفع المراتب. الثانية يبلغ أسنى المطالب.
الثالثة قضاء المآرب. الرابعة بذل المواهب. الخامسة الامن من المعاطب. السادسة التطهير من المعايب.
السابعة تسهيل المصاعب. الثامنة كفاية النوائب. التاسعة حس العواقب. العاشرة رحمة رب المشارق والمغارب.
هنيئا لمن زار خير الورى * وحط عن النفس أوزارها فإن السعادة مضمومة * لمن حل طيبة أو زارها (والحاصل) زيارة قبر النبي (ص) من أفضل القربات، فينبغي أن يحرص عليها، وليحذر كل الحذر من التخلف عنها