إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٩
يا صائمي رمضان هذا شهركم * فيه أبا حكم المهيمن مغنما يا فوز من فيه أطاع إلهه * متقربا، متجنبا، ما حرما فالويل كل الويل للعاصي الذي * في شهره أكل الحرام وأجرما فنسأل الله الكريم المنان أن يجعلنا ممن حافظ على حدود صيام رمضان، ففاز بالفردوس والجنان، والقصور والحور العين الحسان، بجاه سيد ولد عدنان - (ص) - وعلى آله في كل آن. آمين.
(قوله: واعتكاف) أي وسن - مع التأكيد - إكثار اعتكاف. (قوله: للاتباع) هو ما رواه ابن ماجة والبيهقي، عن ابن عباس: المعتكف يعكف الذنوب، ويجرى له من الاجر كأجر عامل الحسنات كلها. وما رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله (ص) يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله. ثم اعتكف أزواجه من بعده، لأنه أقرب لصون النفس عن ارتكاب ما لا يليق. (قوله: سيما إلخ) السي: المثل. (وقوله: والأفصح جر ما بعدها) أي على الإضافة، ويجوز رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، ونصبه على التشبيه بالمفعول به، أو على أنه مفعول لمحذوف، وقيل على التمييز، لكن إذا كان نكرة. (وقوله: وتقديم لا عليها) أي والأفصح تقديم لا النافية للجنس، واسمها سي، وخبرها محذوف. (قوله: وما: زائدة) وقيل موصولة، والاسم الذي بعدها مرفوع على أنه خبر محذوف، والجملة صلة. (قوله: وهي دالة إلخ) أي فيقال هنا العشر الأواخر أولى بالثلاثة من غيرها، ولا يستثنى بها - على الأصح.
(قوله: عشر آخره) يقرأ لفظ عشر بالجر على أنه مضاف إليه على الأفصح، ويجوز رفعه ونصبه. (قوله: فيتأكد له) أي في العشر الأخير. (وقوله: إكثار الثلاثة) - هي: الصدقة، والتلاوة، والاعتكاف. (قوله: للاتباع) هو ما صح أنه (ص) كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها. وما صح أنه عليه السلام: كان إذا دخل العشر الأخير أحيا الليل كله وأيقظ أهله، وشد المئزر وهو كناية عن التهيؤ للعبادة، والاقبال عليها بهمة ونشاط. (قوله: ويتأكد إكثار إلخ) مكرر مع قوله أول، فيتأكد له إكثار إلخ، فالأولى إسقاطه، ويكون قوله رجاء إلخ علة لقوله ويسن أن يمكث معتكفا. (قوله:
رجاء مصادفة ليلة القدر) أي طلبا لادراكها. (قوله: أي الحكم) تفسير للقدر، فالمراد من ليلة القدر: ليلة الحكم.
وفي حاشية الجمل على الجلالين، وفي القرطبي، قال مجاهد في ليلة الحكم: وما أدراك ما ليلة القدر؟ قال: ليلة الحكم. والمعنى ليلة التقدير، سميت بذلك لان الله تعالى يقدر فيها ما يشاء من أمره إلى مثلها من السنة القابلة، من أمر الموت، والأجل، والرزق، وغير ذلك، ويسلمه إلى مدبرات الأمور، وهم أربعة من الملائكة: إسرافيل، وميكائيل، وعزرائيل، وجبرائيل - عليهم السلام -. اه‍. تحفة.
وفي تحفة الاخوان للفشني: ومعنى أن الله تعالى يقدر الآجال والأرزاق: أنه يظهر ذلك للملائكة، ويأمرهم بفعل ما هو من سعتهم وضيقهم بأن يكتب لهم ما قدره في تلك السنة، ويعرفهم إياه. وليس المراد منه أنه يحدثه في تلك الليلة، لان الله تعالى قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض.
وقيل للحسين بن الفضيل: أليس قد قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: بلى قيل له: فما معنى ليلة القدر؟ قال سوق المقادير إلى المواقيت، وتنفيذ القضاء المقدر. اه‍.
(قوله: والفصل) بالصاد المهملة، وما يوجد في غالب النسخ من أنه بالضاد المعجمة تحريف من النساخ، وهو بمعنى الحكم، فعطفه عليه مرادف. (قوله: أو الشرف) عطف على الحكم وهو غيره، فهو تفسير آخر للقدر. فمعنى ليلة القدر: ليلة الشرف. وسميت تلك الليلة بذلك لعظمها، وشرفها، وقدرها - من قولهم: لفلان قدر: أي شرف ومنزلة.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست