سبيل الله على الطريق الموصل إليه، بأن يخلص في صومه، وإن لم يكن في جهاد. وهذا المعنى يطلق عليه سبيل الله كثيرا وإن كان خلاف الغالب. اه. وفي شرح مسلم للنووي: هو - أي الصوم - في الجهاد محمول على من لا يتضرر ولا يفوت به حقا ولا يختل به قتاله ولا غيره من مهمات غزوه. اه. (قوله: باعد الله وجهه) أي ذاته. (وقوله: سبعين خريفا) أي عاما، فأطلق الجزء وأراد الكل، وخص الخريف بالذكر لأنه أعدل أيام السنة. والمراد أنه يبعد عن النار مسافة لو قدرت لبلغ زمن سيرها سبعين سنة. (قوله: ويسن متأكدا) أي سنا متأكدا، فمتأكدا صفة لمصدر محذوف. (قوله:
صوم يوم عرفة) قال ع ش: ورد في بعض الأحاديث أن الوحوش في البادية تصومه، حتى أن بعضهم أخذ لحما وذهب به إلى البادية ورماه لنحو الوحوش، فأقبلت عليه ولم تأكل، وصارت تنظر إلى الشمس وتنظر إلى اللحم، حتى غربت الشمس أقبلت إليه من كل ناحية. اه. (قوله: لغير حاج) أي وغير مسافر وغير مريض، بأن يكون قويا مقيما. أما الحاج، فلا يسن له صومه، بل يسن له فطره. وإن كان قويا، للاتباع، وليقوى على الدعاء. ومن ثم يسن صومه لحاج غير مسافر، بأن كان وطنه قريبا من عرفة ونوى الحج وهو في وطنه وأخر الوقوف إلى الليل. وأما المسافر والمريض: فيسن لهما فطره، لكن إن أجهدهما الصوم - أي أتعبهما - كما في التحفة. (قوله: لأنه) أي صوم يوم عرفة. (وقوله: يكفر السنة إلخ) أي ذنوبه الحاصلة فيها. (قوله: كما في خبر مسلم) لفظة: صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده. وقوله: أحتسب: قال بعضهم: هو بلفظ المضارع، وضميره عائد إلى النبي (ص). وقال بعضهم: بلفظ الماضي، وضميره عائد إلى الصوم، وفيه بعد. وقوله: السنة التي قبله: أي قبل يوم عرفة، والمراد بها:
السنة التي تتم بفراغ شهره. وقوله: والسنة التي بعده: أي بعد يوم عرفة، والمراد بها: السنة التي أولها المحرم الذي يلي الشهر المذكور، إذا الخطاب الشرعي محمول على عرف الشرع. وفي تكفير هذه السنة إشارة إلى أنه لا يموت فيها، في ذلك بشرى. وقد نقل ذلك المدابغي عن ابن عباس، وعبارته: (فائدة) قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وهذه بشرى بحياة سنة مستقبلة لمن صامه، إذ هو (ص) بشر بكفارتها، فدل لصائمه على الحياة فيها، إذ هو (ص) لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. اه. وورد أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما: من صام يوم عرفة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
(قوله: وهو) أي يوم عرفة. (قوله: والأحوط صوم الثامن) أي لأنه ربما يكون هو التاسع في الواقع. (قوله: مع عرفة) أي مع صوم يومها. (قوله: والمكفر: الصغائر) قال الكردي: اعتمده الشارح في كتبه، وأما الجمال الرملي فإنه ذكر كلام الامام، ثم كلام مجلي في الرد على الامام. ثم كلام ابن المنذر المفيد خلاف ما قاله الامام، وسكت عليه، فكأنه وافقه.
ولهذا قال القليوبي في حواشي المحلى: عممه ابن المنذر في الكبائر أيضا. ومشى عليه صاحب الذخائر، وقال:
التخصيص بالصغائر - تحكم. ومال إليه شيخنا الرملي في شرحه. اه. والذي يظهر: أن ما صرحت به الأحاديث فيه بأن شرط التكفير اجتناب الكبائر: لا شبهة في عدم تكفيره الكبائر. وما صرحت الأحاديث فيه بأن يكفر الكبائر: لا ينبغي التوقف فيه بأنه يكفرها بعد تصريح الشرع به. ويبقى الكلام فيما أطلقت الأحاديث التكفير فيه. وملت في الأصل إلى أن الاطلاق يشمل الكبائر، والفضل واسع. اه. ببعض حذف. (قوله: ويتأكد صوم الثمانية قبله) أي يوم عرفة، فعليه يكون الثامن مطلوبا من جهتين: جهة الاحتياط لعرفة، وجهة دخوله في العشر غير العيد. كما أن صوم يوم عرفة مطلوب أيضا من جهتين: كونه من عشر ذي الحجة، وكونه يوم عرفة. (قوله: للخبر الصحيح فيها) أي الثمانية: أي صومها مع صوم يوم عرفة، وذلك لخبر هو أنه (ص) قال: ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر. وورد أيضا أنه (ص): كان يصوم تسع ذي الحجة. (وقوله: