إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٢
إن كان موجودا أهلا للاستحلال منها، فإن لم يكن أهلا، أو لم يكن موجودا، فوارثه. (قوله: وشذ من زعم أنها ليلة النصف من شعبان) أي من زعم أن ليلة القدر هي ليلة النصف من شعبان: فقد شذ، أي خالف الجماعة الثقات. (قوله:
تتمة) أي في بيان حكم الاعتكاف. وقد أفرده الفقهاء بكتاب مستقل. وذكره عقب الصوم لمناسبته له من حيث إن المقصود من كل منهما واحد، وهو كف النفس عن شهواتها، ومن حيث إن الذي يبطل الصوم قد يبطل الاعتكاف، ولأنه يسن للمعتكف الصيام.
والأصل فيه قبل الاجماع قوله تعالى: * (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) * وخبر الصحيحين:
أنه (ص) اعتكف العشر الأوسط من رمضان، ثم اعتكف العشر الأواخر ولازمه حتى توفاه الله تعالى. ثم اعتكف أزواجه من بعده.
وأركانه أربعة: لبث، ونية، ومعتكف، ومعتكف فيه. ويشترط لها شروط. فشرط اللبث: أن يكون فوق قدر طمأنينة الصلاة، فلا يكفي لبث أقل ما يجزئ من طمأنينة الصلاة كمجرد العبور، لان كلا منهما لا يسمى اعتكافا.
وشرط النية: المقارنة للبث - كما في الصلاة وغيرها - والتعرض للفرضية إن كان منذورا ليتميز عن النفل، فيقول: نويت فرض الاعتكاف، أو: الاعتكاف المنذور. ويقع جميعه فرضا، وإن طال مكثه، ونوزع فيه بأن ما يمكن تجزؤه يقع أقل ما ينطلق عليه الاسم فرضا والباقي نفلا - كالركوع ومسح الرأس - فمقتضاه أن يكون هنا كذلك. وفرق ع ش: بأن القاعدة المذكورة فيما له أقل وأكمل كالركوع، وأما الاعتكاف فلم يجعلوا له إلا أقل. اه‍. وفرق غيره أيضا بأنا لو قلنا إنه لا يقع جميعه فرضا لاحتاج الزائد إلى نية، ولم يقولوا به، وبخلاف الركوع ومسح الرأس.
وشرط المعتكف الاسلام والتمييز والخلو من الموانع. فلا يصح من كافر، لتوقفه على النية، وهو ليس من أهلها. ولا من صبي غير مميز، ومجنون، ومغمى عليه، وسكران - إذ لا نية لهم - ولا من جنب، وحائض، ونفساء، لحرمة مكثهم في المسجد.
وشرط المعتكف فيه أن يكون كله مسجدا، سواء سطحه ورحبته المعدودة منه وصحته، فلا يصح في غيره، ولا فيما وقف جزؤه شائعا مسجدا. وجميع ما ذكر يعلم من تعريفه الآتي:
(قوله: يسن اعتكاف) وقد يجب بالنذر، ويحرم على الزوجة والرقيق بلا إذن من الزوج أو السيد - مع الصحة - ويكره لذات الهيئة - مع الاذن - فتعتريه الاحكام، ما عدا الإباحة. (وقوله: كل وقت) أي حتى أوقات الكراهة، وإن تحراها. ع ش: وتقدم أنه في العشر الأخير من رمضان أفضل - للاتباع. (قوله: وهو لبث إلخ) هذا معناه شرعا، وأما لغة: فهو اللبث والحبس والملازمة على الشئ، وإن كان شرا. قال تعالى: * (يعكفون على أصنام لهم) * والمراد من اللبث هنا ما يشمل التردد - بدليل الغاية بعده. (قوله: فوق قدر طمأنينة الصلاة) أي ولو بيسير. واحترز به عما إذا لم يكن اللبث كذلك، فلا يكفي - كما علمت. (قوله: ولو مترددا) أي ولو كان اللابث مترددا في المسجد غير ساكن فيه، فلا يشترط السكون والاستقرار فيه، بل الشرط إما السكون أو والتردد، بخلاف مجرد العبور، فلا يكفي - كما تقدم -.
وفي البجيرمي ما نصه: قال المناوي في أحكام المساجد: ويندب للمار أن ينويه أي الاعتكاف ويقف وقفة تزيد على أقل طمأنينة الصلاة، فإن نواه ولم يقف، أو وقف قدرها، أو دونها لم يصح على الأصح. اه‍.

(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست