قاله الأزهري وغيره. ثم إن شرفها يحتمل أن يكون راجعا للفاعل فيها على معنى أن من أتى فيها بالطاعة صار ذا قدر وشرف، ويحتمل أن يرجع إلى نفس العمل. (قوله: والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر) هذا من جملة التعليل، بل هو محطة. أي وإنما تأكد إكثار العبادات فيه رجاء مصادفة ليلة القدر، التي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه: ذكر لرسول الله (ص) رجل من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر فتعجب رسول الله (ص) لذلك وتمنى ذلك لامته، فقال: يا رب جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا، وأقلها أعمالا فأعطاه الله تعالى ليلة القدر خيرا من ألف شهر.
وقيل إن الرجل فيما مضى ما كان يقال له عابد حتى يعبد الله تعالى ألف شهر، فأعطوا ليلة إن إحيوها كانوا أحق بأن يسموا عابدين من أولئك العباد.
وما أحسن قول بعضهم:
هي ليلة القدر التي شرفت على * كل الشهور وسائر الأعوام من قامها يمحو الاله بفضله * عنه الذنوب وسائر الآثام فيها تجلى الحق جل جلاله * وقضى القضاء وسائر الأحكام فادعوه واطلب فضله تعط المنى * وتجاب بالانعام والاكرام فالله يرزقنا القبول بفضله * ويجود بالغفران للصوام ويذيقنا فيها حلاوة عفوه * ويميتنا حقا على الاسلام (قوله: ليس فيها ليلة القدر) الجملة صفة لألف شهر، أي ألف شهر موصوفة بكونها ليس فيها ليلة القدر، وإنما قيد به ليصح ما ذكره، وإلا بأن دخلت ليلة القدر في ألف الشهر: لزم تفضيل الشئ على نفسه بمراتب. قال ق ل: ظاهر كلامهم أن ألف الشهر كاملة، وأنها تبدل ليلة القدر بليلة غيرها، ويحتمل نقصها منها. ولعل المراد بالشهور: العربية، لأنها المنصرف إليها الاسم شرعا وعرفا. اه. بجيرمي. (قوله: وهي منحصرة إلخ) كالعلة للعلة السابقة. (وقوله:
عندنا) أي معاشر الشافعية - أي جمهورهم، وهو الأصح - وعلى مقابله قيل إنها ليلة تسع عشرة، وقيل سبع عشرة، وقيل ليلة النصف، وقيل جمع رمضان. وادعى المحاملي أنه المذهب، وصح فيه حديث. وقيل جميع السنة - وعليه جماعة - وقيل غير ذلك. اه. كردي، نقلا عن الايعاب. (وقوله: فيه) أي في العشر الأخير لا تنتقل منه إلى غيره، وتلزم ليلة منه بعينها في المذهب. قال البجيرمي: ومعناه أنها إذا كانت في الواقع ليلة حادي وعشرين مثلا تكون كل عام كذلك، لا تنتقل عن هذه الليلة، فمن عرفها في سنة عرفها فيما بعدها. اه. (قوله: فأرجاها: أوتاره) أي أقرب الأوقات لليلة القدر من العشر الأخير: أوتاره، وهي الحادي والعشرون، والثالث والعشرون، والخامس والعشرون، وهكذا . (وقوله:
وأرجى أوتاره) أي العشر. (قوله: واختار النووي وغيره انتقالها) أي من ليلة من العشر إلى ليلة أخرى منه. وإنما اختار ذلك جمعا بين الاخبار المتعارضة في محلها. قال الكردي: وكلام الشافعي - رضي الله عنه - في الجمع بين الاخبار يقتضيه، وعليه قال الغزالي وغيره إنها تعلم فيه باليوم الأول من الشهر، فإن كان أوله يوم الأحد أو يوم الأربعاء: فهي ليلة تسع وعشرين. أو يوم الاثنين: فهي ليلة إحدى وعشرين. أو يوم الثلاثاء أو الجمعة: فهي ليلة سبع وعشرين. أو الخميس: فهي ليلة خمس وعشرين. أو يوم السبت: فهي ليلة ثلاث وعشرين. قال الشيخ أبو الحسن: ومنذ بلغت سن