لأنه غير مأمور بذلك، بل منهي عنه في الرابعة، وبخلاف سبق ما ذكر إليه، لكن مع نسيان الصوم أو جهله بعدم مشروعية المبالغة. وكان الأولى أن يزيد ما ذكر لأنه محترز القيدين الأخيرين. (قوله: وخرج بقولي عن نحو جنابة الغسل المسنون) في خروج هذا نظر، فإنه مأمور به، فحكمه حكم غسل الجنابة بلا خلاف، بدليل الغاية التي ذكرها قبل - أعنى قوله ولو في الغسل الواجب - فإنه يندرج تحتها الغسل المسنون - كما هو ظاهر - فيفيد حينئذ أنه إذا سبق الماء إلى جوفه فيه من غير انغماس: لا يفطر. إذا علمت ذلك، فحذفه والاقتصار على ما بعده - أعني غسل التبرد والتنظف - متعين.
(والحاصل) أن القاعدة عندهم أن ما سبق لجوفه من غير مأمور به، يفطر به، أو من مأمور به - ولو مندوبا - لم يفطر.
ويستفاد من هذه القاعدة ثلاثة أقسام:
الأول: يفطر مطلقا - بالغ أو لا - وهذا فيما إذا سبق الماء إلى جوفه في غير مطلوب كالرابعة، وكانغماس في الماء - لكراهته للصائم - وكغسل تبرد أو تنظف.
الثاني: يفطر إن بالغ، وهذا فيما إذا سبقه الماء في نحو المضمضة المطلوبة في نحو الوضوء.
الثالث: لا يفطر مطلقا، وإن بالغ، وهذا عند تنجس الفم لوجوب المبالغة في غسل النجاسة على الصائم وعلى غيره لينغسل كل ما في حد الظاهر.
ثم رأيت الكردي صرح بهذه الثلاثة الأقسام. فتنبه.
(قوله: فيفطر بسبق ماء فيه) أي فيما ذكره من الغسل المسنون وغسل التبرد. (قوله: ولو بلا انغماس) غاية في الفطر. أي يفطر ولو بغير انغماس. (قوله: فروع) أي ستة. (قوله: بخبر عدل بالغروب) أي عن مشاهدة. قال في التحفة: وقول البحر، لا يجوز بخبر العدل كهلال شوال، ردوه بما صح أنه (ص) كان إذا كان صائما أمر رجلا فأوفى على نشز، فإذا قال قد غابت الشمس، أفطروا، بأنه قياس ما قالوه في القبلة والوقت والاذان. ويفرق بينه وبين هلال شوال بأن ذاك فيه رفع سبب الصوم من أصله، فاحتيط له، بخلاف هذا. اه. (قوله: وكذا بسماع أذانه) أي وكذلك يجوز الفطر بسماع أذان العدل: أي العارف بالأوقات، وكذا باجتهاده بورد أو نحوه. وعبارة التحفة مع الأصل: ويحل بسماع أذان عدل عارف، وإخباره بالغروب عن مشاهدة، وبالاجتهاد بورد أو نحوه في الأصح - كوقت الصلاة. اه. (قوله: ويحرم للشاك الاكل آخر النهار) أي لان الأصل بقاؤه. (وقوله: حتى يجتهد) أي أو يخبره عدل أو يسمع أذانه، فإنه حينئذ يجوز له الاكل. (وقوله: ويظن انقضاءه) أي باجتهاده. (قوله: ومع ذلك) أي ومع جواز الأكل إذا ظن انقضاء النهار بالاجتهاد.
(وقوله: الأحوط الصبر) أي ليأمن من الغلط، ولخبر: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. (وقوله: لليقين) قال في النهاية - وذلك بأن يرى الشمس قد غربت، فإن حال بينه وبين الغروب حائل فبظهور الليل من المشرق. اه. (قوله: ويجوز الاكل) أي للتسحر. (وقوله: باجتهاد) متعلق بظن. (وقوله: وإخبار) أي إخبار عدل ببقاء الليل. (قوله: وكذا لو شك) أي وكذلك يجوز الاكل إذا شك في بقاء الليل. قال سم: وهذا بخلاف النية - لا تصح عند الشك إلا إن ظن بقاءه باجتهاد صحيح. كما علم مما تقدم في بحث النية وما في حواشيه، لأن الشك يمنع النية. اه. (قوله: لان الأصل بقاء الليل) علة لجواز الاكل في صورة الظن وصورة الشك. (قوله: لكن يكره) أي لكن يكره الاكل. وظاهره في الصورتين صورة الظن وصورة الشك، فانظره، فإنه لم يصرح بالكراهة من أصلها، لا في التحفة ولا في النهاية، ولا في غيرهما. (قوله:
ولو أخبره عدل بطلوع الفجر: اعتمده) أي وجوبا. وفي التحفة: وحكى في البحر وجهين فيما لو أخبره عدل بطلوع