إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ٢٦٨
الهلاك. (قوله: وأفتى الأذرعي إلخ) تضمن الافتاء المذكور أنه يباح الفطر للحصادين، ومن ألحق بهم، لكن يجب عليهم تبييت النية، لأنه ربما لا تلحقهم مشقة شديدة بالصوم، فيجب عليهم. وقد صرح بالمضمون المذكور في التحفة، ونصها: ويباح تركه لنحو حصاد أو بناء لنفسه أو لغيره تبرعا أو بأجرة، وإن لم ينحصر الامر فيه. اه‍. (قوله: أي ونحوهم) كأرباب الصنائع الشاقة. وفي الكردي ما نصه: وظاهر أنه يلحق بالحصادين في ذلك سائر أرباب الصنائع الشاقة، وقضية إطلاقه أنه لا فرق بين الأجير الغني وغيره والمتبرع. نعم، الذي يتجه: تقييد ذلك بما إذا احتيج لفعل تلك الصنعة، بأن خيف من تركها نهارا فوات ماله وقع عرفا. وفي التحفة: لو توقف كسبه لنحو قوته المضطر إليه هو أو ممونه على فطره، فظاهر أن له الفطر، لكن بقدر الضرورة. اه‍. (وقوله: تبييت النية) فاعل يلزم. (قوله: ثم من لحقه إلخ) أي ثم إذا بيت النية وأصبح صائما، فإن لحقه من صومه مشقة شديدة بحيث تبيح التيمم أفطر، وإن لم تلحقه مشقة شديدة به فلا يفطر. (قوله: ويجب قضاء إلخ) أي على الفور إن فات بغير عذر، وعلى التراخي إن فات بعذر. لكن محله بالنسبة لرمضان: إن بقي إلى رمضان الثاني ما يزيد على ما عليه من الصوم، وإلا صار فوريا. ومن مات قبل أن يقضي، فلا يخلو إما أن يفوته الصيام بعذر، أو بغير عذر، وعلى الأول: فإن تمكن من القضاء - بأن خلا عن السفر والمرض ولم يقض - يأثم، ويخرج من تركته لكل يوم مد. وإن لم يتمكن منه - بأن مات عقب موجب القضاء أو النذر أو الكفارة، أو استمر به العذر إلى موته - فليس عليه شئ، لا فدية ولا قضاء، ولا إثم. وعلى الثاني - أعني ما إذا فاته بغير عذر - يأثم، ويخرج من تركته لكل يوم مد - سواء تمكن من القضاء أو لا - فحاصل الصور أربع، يجب التدارك في ثلاث، ولا يجب في صورة واحدة. (قوله: ولو بعذر) أي ولو فات بعذر، وهو غاية لقوله يجب قضاء، والمراد، عذر يرجى زواله، أما ما لا يرجى زواله فلا يجب القضاء معه، بل عليه الفدية فقط، كما سيذكره بقوله: وعلى من أفطر لعذر لا يرجى زواله مد بلا قضاء. (قوله: من الصوم الواجب) بيان لما، وخرج به الصوم المندوب، فلا يجب قضاؤه. (قوله: كرمضان إلخ) تمثيل للصوم الواجب. (قوله: بمرض إلخ) بدل من قوله بعذر، وهو متعلق بفات المقدر. ولو قال - كما في شرح المنهج - كمرض - بالكاف - ويكون تمثيلا للعذر، لكان أولى. لكن قوله: أو ترك نية، لا يصلح تمثيلا للعذر، إلا أن يحمل على النسيان.
والمراد بالمرض ما يرجى برؤه، لان الذي لا يرجى برؤه لا يوجب القضاء، وإنما يوجب الفدية فقط - كما علمت - ودخل فيه الاغماء، لأنه نوع من المرض. (قوله: أو ترك نية) إنما وجب القضاء عند ترك النية - ولو نسيانا - ولم يجب في الاكل نسيانا، لان الاكل منهي عنه، والنسيان يؤثر فيه، بخلاف النية، فإنها مأمور بها، والنسيان لا يؤثر فيه. (قوله: أو بحيض) معطوف على بمرض، ولا حاجة إلى إعادة الباء. وإنما وجب قضاء الصوم دون الصلاة لما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة. (وقوله: أو نفاس) أي ولو من علقة أو مضغة، أي أو بلا بلل. (قوله: لا بجنون وسكر) أي لا يجب قضاء ما فات بجنون أو سكر. (قوله: لم يتعد به) أي بما ذكر من الجنون والسكر، فإن تعدى بهما وجب القضاء. (قوله: أن قضاء يوم الشك على الفور) يعني إذا ثبت يوم الشك أنه من رمضان بعد أن أفطر، وجب عليه القضاء على الفور، لتبين وجوبه عليه، وأنه أكل لجهله به. قال في التحفة: والمراد بيوم الشك هنا: هو يوم ثلاثي شعبان، وإن لم يتحدث فيه برؤية - كما هو واضح. اه‍. بالمعنى. (قوله:
لوجوب إمساكه) علة لوجوب قضائه على الفور. (قوله: ونظر فيه) أي في التعليل المذكور، ودفع التنظير المذكور بأن التقصير هنا أظهر، لان له حيلة في إدراك الهلال غالبا، ولا حيلة له في دفع النسيان أبدا. وعبارة التحفة: وإنما خالفنا ذلك في ناسي النية، لان عذره أعم وأظهر من نسبته للتقصير، فكفى في عقوبته وجوب القضاء عليه فحسب. اه‍. (قوله: ويجب إمساك) أي مع
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست