الثالث: أن يكون الصوم الذي أفسده صوم نفسه.
الرابع: أن ينفرد الافساد بالوطئ.
الخامس: أن يستمر على الأهلية كل اليوم الذي أفسده، ويعبر عنه بأن يفسد يوما كاملا.
السادس: أن يكون ما أفسده من أداء رمضان يقينا.
السابع: أن يأثم بجماعه.
الثامن: أن يكون إثمه به لأجل الصوم.
التاسع: عدم الشبهة.
فخرج بالأول: ما لا يكون مفسدا، كأن صدر من ناس أو مكره أو جاهل معذور. وبالثاني: صوم غير رمضان.
وبالثالث: ما لو أفسد صوم غيره ولو في رمضان، كأن وطئ مسافر أو نحوه امرأته ففسد صومها. وبالرابع: ما إذا لم ينفرد الافساد بالوطئ، كأن أفسده بالوطئ وغيره معا. وبالخامس: ما إذا لم يستمر على الأهلية كل اليوم، بأن جن أو مات بعد الجماع. وبالسادس: ما إذا كان الصوم الذي أفسده من قضاء رمضان أو من أداء رمضان لكن من غير تعيين، بأن صامه بالاجتهاد، ولم يتحقق أنه من رمضان، أو صام يوم الشك - حيث جاز - فبان أنه من رمضان. وبالسابع: ما إذا لم يأثم بجماعه، كالصبي، وكذا المسافر والمريض إذا جامعا بنية الترخص. وبالثامن: ما إذا كان الاثم لا لأجل الصوم، كما إذا كان مسافرا أو وطئ بالزنا أو لم ينو ترخصا بإفطاره، فإنه لم يأثم به لأجل الصوم، بل لأجل الزنا (1) أو لعدم نية الترخص.
وبالتاسع: ما إذا وجدت شبهة، كأن ظن بقاء الليل فجامع فبان نهارا، أو أكل ناسيا فظن أنه أفطر به فجامع عامدا، فجميع هذه المخرجات ليس فيها كفارة، وحيث قلنا بوجوبها فهي على الواطئ - سواء كان بشبهة، أو نكاح، أو زنا - ويعلم هذا من جعل من الداخلة على أفسده واقعة على الواطئ.
(قوله: أي صوم رمضان) تفسير للضمير البارز. وإنما خص صوم رمضان لان النص ورد فيه، وهو لأجل اختصاصه بفضائل لا يقاس به غيره. (قوله: بجماع) أي في قبل أو دبر، ولو لبهيمة، ولو مع وجود خرقة لفها على ذكره. (قوله: أثم به) يصح ضبطه بصيغة اسم الفاعل، وبصيغة الماضي، وعلى كل: هو صفة لجماع جرت على غير من هي له، لان الفاعل يعود على من أفسده. وخرج به ما لا يأثم به - كمن جامع ظانا بقاء الليل فبان نهارا - كما علمت. (قوله: لأجل الصوم) متعلق بأثم: أي إن أثم لأجل الصوم. وخرج به ما ليس لأجل الصوم - كما علمت أيضا. (قوله: لا باستمناء) معطوف على بجماع، وهو محترزه، فلا تجب الكفارة على من أفسده بالاستمناء، لان النص ورد في خصوص الجماع. (قوله: وأكل) بضم الهمزة.
(قوله: كفارة) فاعل يجب. أي يجب كفارة على من ذكر، وذلك لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: هلكت. قال: وما أهلكك؟ قال: واقعت امرأتي في رمضان: قال:
هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا. ثم جلس، فأتى النبي (ص) بعرق فيه تمر، قال: تصدق بهذا. فقال: على أفقر منا يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا. فضحك النبي (ص) حتى بدت أنيابه، ثم قال: فأطعمه أهلك. (وقوله: بعرق) هو بفتحتين - مكتل نسج من خوص النخل. وقوله: فأطعمه أهلك، يحتمل أنه تصدق النبي (ص) به عليه - أي مع بقاء الكفارة في ذمته - ويحتمل أنه تطوع بالتكفير عنه، وسوغ له صرفها لأهله - إعلاما بأن المكفر المتطوع يجوز له صرفها لممون المكفر عنه. وبهذا أخذ أصحابنا فقالوا: يجوز للمتطوع بالتكفير عن الغير صرفها لممون المكفر عنه. (قوله: