إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٢ - الصفحة ١٩٦
السنة، والقمح ليلة العيد - مثلا - يجب عليهم الذرة. وأهل مصر يجب عليهم القمح، فإن غلب في بعض البلد جنس، وفي بعضها جنس آخر، أجزأ أدناهما في ذلك الوقت. (قوله: أي بلد المؤدى عنه) أي نفسه أو ممونه، ومحل اعتبار بلده: إن كان قوته مجزئا، فإن لم يكن مجزئا اعتبر أقرب المحال إليه، ويدفع زكاته لأهله، فإن كان بقربه محلان متساويان قربا، تخير بينهما. (قوله: فلا تجزئ) أي الزكاة. (قوله: من غير غالب قوته) أي بلد المودى عنه، وهذا محترز قوله غالب. وفي بعض النسخ: من غالب قوته - بحذف لفظ غير - وعليه، يكون محترز بلده، ويكون ضمير قوته عائدا على المؤدى عنه، وهذا هو الموافق لعبارة فتح الجواد، وشرح الروض. ونص الأولى: فلا تجزئ من غالب قوته أو قوت مؤد أو بلده. اه‍. ونص الثانية مع الأصل فالواجب غالب قوت بلد المؤدى عنه لا غالب قوت المؤدى عنه، أو المؤدي، أو بلده، كثمن المبيع. اه‍. (قوله: أو قوت مؤد) معطوف على لفظ غير على النسخ التي بأيدينا وعلى قوته على ما في بعض النسخ، والمعنى على الأول: ولا تجزئ من قوت المؤدي - بكسر الدال -. والمعنى على الثاني: ولا تجزئ من غالب قوت المؤدي - بكسرها أيضا -. (وقوله: أو بلده) أي المؤدي، وهذا ما قبله محترز الضمير في قوت بلده العائد على المؤدى عنه. (قوله: لتشوف النفوس) أي نفوس المستحقين، وهو علة لوجوب كون الصاع من غالب قوت بلد المؤدى عنه، وعدم إجزاء غيره، أي وإنما وجب ما ذكر ولم يجزئ غيره، لتشوف نفوس المستحقين - أي انتظارها، وتطلعها لذلك - أي غالب قوت ما ذكر، لا لغيره. (قوله: ومن ثم) أي ومن أجل تشوف النفوس لذلك.
(قوله: وجب صرفها لفقراء بلد مؤدى عنه) أي إذا اختلف بلد المؤدى عنه - بفتح الدال - وبلد المؤدي - بكسرها - بأن كان الرقيق أو الزوجة مثلا ببلد، والسيد أو الزوج ببلد آخر، صرفت من غالب قوت بلد الرقيق أو الزوجة على مستحقي بلديهما، لا بلد السيد أو الزوج، لتشوف نفوسهم لذلك. قال ع ش: وهل يجب عليه التوكيل في زمن - بحيث يصل الخبر إلى الوكيل فيه قبل مجئ وقت الوجوب - أم لا؟ فيه نظر. والأقرب: الثاني. اه‍. (قوله: فإن لم يعرف) أي المؤدى عنه: أي بلده. وهذا مقابل لمحذوف قيد لقوله وجب صرفها إلخ، وهو أن عرف. (قوله: كأبق) أي لم يعلم محله الذي هو فيه، أما إذا علم تعين قولا واحدا - كما تقدم -. ودخل تحت الكاف: منقطع الخبر - الذي لم يدر محله - من قريب أو زوجة. (قوله: ففيه آراء) أي ففي وجوب صرف فطرته أقوال. (واعلم) أنه في المنهاج أجرى الآراء المذكورة فيمن انقطع خبره، وشارحنا أجراها فيمن لم يعرف محله. والظاهر أنهما متلازمان، فلا خلف بين العبارتين، وذلك لأنه يلزم من عدم معرفة محله انقطاع خبره، وبالعكس. (قوله: منها) أي من تلك الآراء، وهذا هو المعتمد.
(قوله: إخراجها حالا) أي ليلة العيد ويومه. قال في التحفة: واستشكل وجوبها حالا بأنها تجب لفقراء بلد المؤدى عنه، وذلك متعذر. وتردد الأسنوي وغيره بين استثنائها، أي من اعتبار فقراء بلد المؤدى عنه وإخراجها في آخر بلد عهد وصوله إليه، لان الأصل بقاؤها فيها وإعطاؤها للقاضي، لان له نقلها وتفرقتها، أي ما لم يفوض قبضها لغيره. والذي يتجه في ذلك أنه يدفع البر للقاضي ليخرجه في أي محال ولايته شاء، وتعين البر لاجزائه هنا على كل تقدير، لما يأتي أنه يجزئ عن غيره، وغيره لا يجزئ عنه، فإن تحقق خروجه - أي المؤدي عنه - عن محل ولاية القاضي فالامام. فإن تحقق خروجه عن محل ولايته أيضا بأن تعدد المتغلبون ولم ينفذ في كل قطر إلا أمر المتغلب فيه - فالذي يظهر أنه يتعين الاستثناء للضرورة حينئذ. اه‍. بتصرف. (قوله: منها) أي الآراء. (وقوله: لا تجب إلا إذا عاد) أي المؤدي عنه إلى بلد المؤدي - كزكاة المال الغائب - وأجاب صاحب الرأي الأول بأن التأخير إنما جوز هناك للنماء، وهو غير معتبر في زكاة الفطر.
(قوله: وفي قول إلخ) المناسب لما قبله أن يقول: ومنها أنه إلخ. (قوله: لا شئ) أي يجب مدة غيابه، لان الأصل براءة الذمة. نعم، يلزمه إذا عاد الاخراج لما مضى - كذا قبل - تفريعا على الثالث، وفيه نظر، لأنه يلزمه عليه اتحاده مع
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست